في قوله : في الأولى : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» ، وفي الثانية : «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به» هو الرواية لا ما يعم الفتوى ، كما هو أوضح من أن يخفى.
نعم (١) ؛ بناء على حجية الخبر ببناء العقلاء ، لا يبعد دعوى عدم اختصاص بنائهم على حجيته ؛ بل على حجية كل أمارة مفيدة للظن أو الاطمئنان ؛ لكن دون إثبات ذلك (٢) خرط القتاد.
______________________________________________________
عنا» ، فهذا المقطع من الرواية صريح بأن المراد بالمجمع عليه بأي معنى كان هو خصوص الرواية.
فالمتبادر من قوله «عليهالسلام» : «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» هو الرواية التي تكون معروفة بين الأصحاب ، ويترك ما لا يعرفه إلا الشاذ.
وأما وجه أضعفية التمسك بالروايتين من التمسك بالأولوية ـ بناء على أن مورد الاستدلال فيهما هو إطلاق الموصول ـ فواضح ؛ إذ مناط الاستدلال حينئذ : هو جعل الموصول كل مشهور وهو خارج عن طريقة أبناء المحاورة في الاستظهار ؛ لما عرفت : من وجود قرينة على أن المراد بالموصول هو خصوص الرواية.
وهذا بخلاف الفحوى ومفهوم الموافقة ؛ إذ حجية المفهوم الموافق مما لا كلام فيه ، غاية الأمر : منع إناطة حجية الخبر بالظن.
(١) هذا استدراك على ما تقدم من توهم الاستدلال بفحوى أدلة حجية الخبر على اعتبار الشهرة الفتوائية.
وتوضيحه : أنه ـ بناء على أن يستند في حجية خبر الواحد إلى بناء العقلاء ـ لا تبعد دعوى حجية الشهرة وغيرها ، وعدم اختصاص بنائهم على اعتبار خبر الواحد ، حيث إن منشأ حجية الخبر عندهم هو إحراز الواقع الذي تعلق غرضهم بحفظه ، ومن المعلوم : أن ملاك التحفظ على الواقع لا يختص بإحرازه بالخبر ؛ بل هو موجود في كل ما يكون طريقا إليه من الظن بجميع مراتبه ، أو خصوص الاطمئناني منه.
فكل ما يوجب إحراز الواقع ـ ولو ظنا ـ يكون حجة ، فمرجع هذا الوجه إلى دعوى الملازمة بين حجية الخبر ببناء العقلاء ، وبين حجية الشهرة وغيرها مما يوجب الوصول إلى الواقع مطلقا ، خبرا كان أو شهرة أو غيرهما ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٤٠٢» مع تصرف منا.
(٢) يعني : دون إثبات عدم اختصاص بناء العقلاء على الحجية بالخبر خرط القتاد.