لا يقال (١) : إنها وإن لم تكن متواترة لفظا ولا معنى ؛ إلا إنها متواترة إجمالا ؛ للعلم الإجمالي بصدور بعضها لا محالة.
______________________________________________________
(١) المقصود من هذا الإشكال هو : الرد على ما ادعاه المصنف من عدم جواز الاستدلال النافين بالأخبار المذكورة ، المانعة عن العمل بأخبار الآحاد ، نظرا إلى كونها أخبار آحاد.
وحاصل الرد : أن مجموع تلك الروايات ؛ وإن لم تكن متواترة لفظا ولا معنى لعدم تطابقها على لفظ ولا على معنى ، ولكنها متواترة إجمالا بمعنى : حصول العلم بصدور بعض هذه الأخبار من المعصوم «عليهالسلام».
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : الفرق بين أقسام التواتر.
وحاصل الفرق :
أن التواتر اللفظي : عبارة عن إخبار جماعة بلفظ واحد عن واقعة واحدة يوجب حصول العلم مثل قول النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «إنما الأعمال بالنيات».
التواتر المعنوي : عبارة عن إخبار جماعة بألفاظ مختلفة ، مع اشتمال كل منها على معنى مشترك بينها ، سواء كان ذلك المعنى المشترك مدلولا عليه بالدلالة المطابقية كالإخبار بأن «الهرة طاهرة» ، أو «أنها نظيفة» ، أو «السنور نظيف» ، وهكذا حيث إن المتواتر في كل قضية هو معناها المطابقي أعني : طهارة الهرة.
أم بالدلالة الالتزامية كالأخبار الواردة في غزوات مولانا أمير المؤمنين «عليهالسلام» وحروبه ، فإن كل واحد من تلك الحكايات خبر واحد ؛ لكن اللازم المترتب على مجموعها وهي شجاعته «عليهالسلام» متواتر بالتواتر المعنوي.
التواتر الإجمالي : عبارة عن العلم بصدور بعض الروايات عن المعصوم «عليهالسلام» ، واستحالة أن يكون كلها كاذبة عادة ، والضابط في التواتر الإجمالي : أن يؤخذ بأخص الأخبار التي يقطع بصدور البعض في جملتها ليتوافق عليه الكل.
فالمتحصل : أن التواتر الإجمالي هو صدور جملة من الأخبار ، مع اختلافها عموما وخصوصا ، والعلم إجمالا بصدور بعضها.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الأخبار المتقدمة وإن لم ينطبق عليها حد التواتر اللفظي ولا المعنوي ؛ ولكن تندرج في المتواتر الإجمالي للعلم بصدور بعضها ، فيثبت بمجموعها ما هو الجامع بين الكل ، وهو ما هو أخص مضمونا ؛ كعنوان المخالف للكتاب الذي تضمنه جميع الطوائف المتقدمة ، فليست تلك الأخبار بالنسبة إلى هذا القدر