.................................................................................................
______________________________________________________
فكأنه قيل : «خبر الجائي الفاسق يجب التبين عنه» ، فيكون مفهومه : «أن خبر الجائي غير الفاسق ـ هو العادل ـ لا يجب التبين عنه».
ومنها : من جهة مفهوم الشرط. هذا ما أشار إليه بقوله : أظهرها أنه من جهة مفهوم الشرط.
وتركنا ما في الوجوه المذكورة من النقض والإبرام رعاية للاختصار في المقام.
وقبل الخوض في بيان الاستدلال بمفهوم الشرط على حجية خبر الواحد ينبغي بيان أمرين :
أحدهما : بيان شأن نزول الآية.
وثانيهما : بيان ما هو محل الكلام في مفهوم الشرط.
وأما الأمر الأول : ففي مجمع البيان قال الطبرسي فيه : نزلت الآية في الوليد بن عقبة ، بعثه رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في جباية صدقات بني المصطلق ، فخرجوا يتلقونه فرحا به ـ وكانت بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ـ فظن أنهم هموا بقتله ، فرجع إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وقال : إنهم منعوا صدقاتهم ـ وكان الأمر بخلافه ـ فغضب رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وهمّ أن يغزوهم ، فنزلت الآية. ثم ذكر قولا آخر في شأن نزولها (١).
وأما الأمر الثاني ـ وهو بيان محل الكلام في مفهوم الشرط ـ فيتوقف على مقدمة وهي : بيان ضابط به يتميز ما يكون الشرط محققا للموضوع عما يكون من حالاته وأوصافه. وحاصله : أن القضايا الشرطية ـ مثل قولك : إن جاءك زيد فأكرمه ، يشتمل على موضوع وهو : زيد ، وشرط وهو : المجيء ، وجزاء وهو : «أكرمه».
ثم الفرق بين الشرط المسوق لبيان تحقق الموضوع ، وبين الشرط الذي يكون من أوصافه وحالاته هو أن الموضوع لو كان باقيا مع عدم الشرط وانتفائه ـ مثل : زيد في المثال المزبور ـ فالشرط يعد من حالات الموضوع وأوصافه ، فهذه القضية الشرطية تعد من القضايا ذات المفهوم عند القائل بدلالتها عليه.
وأما إذا كان الموضوع غير باق لدى ارتفاع الشرط كما في قولك : «إن رزقت ولدا فاختنه» ، فإن رزق الولد ليس شيئا زائدا وراء وجود الولد ، فينعدم الولد بانعدامه ، فالشرط
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٣٠.