لعدم (١) إطلاق يقتضي وجوبه على الإطلاق (٢) ، ضرورة (٣) : أن الآية مسوقة لبيان
______________________________________________________
بالتحذر تعبدا ، ولعل وجوب الإنذار لأجل أن يكثر المنذرون ، فيحصل العلم من قولهم للمنذرين ـ بالفتح ـ فيعملون بعلمهم لا بقول المنذرين ـ بالكسر ـ تعبدا.
فالمتحصل : أنه لا تنحصر فائدة الإنذار بوجوب التحذر تعبدا ولو لم يحصل العلم ؛ بل يمكن أن تكون فائدته هو حصول التحذر ووجوبه عند حصول العلم بالمنذر به ، فيختص وجوب العمل بقول المنذر بما إذا أفاد العلم هذا الإشكال مخصوص بالوجه الثاني ، فإن المستدل لم يستدل في الوجه الثالث بالملازمة بين وجوب الإنذار ووجوب الحذر ؛ لئلا يكون الإنذار لغوا.
وما ذكرنا من ترتب الفائدة عليه عند حصول العلم يكفي في عدم لغوية وجوب الإنذار.
وأما في الوجه الثالث : فقد استدلّ لوجوب الحذر بكونه غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة.
ويقال في تقريب الإشكال عليه : أنه لا إطلاق يقتضي وجوب التحذر مطلقا أي : سواء حصل العلم أم لا ؛ إذ ليس المتكلم في مقام بيان غايتية الحذر ، كي يتمسك بإطلاق الكلام من هذه الجهة ؛ بل في مقام بيان وجوب النفر ، فلا ينفع في إثبات الإطلاق في الغاية ؛ إذ انعقاد مقدمات الإطلاق من جهة لا ينفع في إثباته من جهة أخرى ؛ إذ من المحتمل أن تكون الغاية هو الحذر عند حصول العلم.
هذا مع وجود القرينة على التقييد بحصول العلم ؛ إذ الإنذار المطلوب هو الإنذار بأمور الدين التي تعلمها بواسطة النفر ، فإذا لم يعرف المنذر ـ بالفتح ـ أن الإنذار وقع بالأمور الدينية من المنذر ـ بالكسر ـ لم يجب الحذر.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) تعليل لعدم الانحصار وضمير «وجوبه» راجع على «التحذر».
(٢) يعني : سواء أفاد العلم أم لا حتى يدل على حجية خبر الواحد غير العلمي.
(٣) تعليل لنفي الإطلاق ، وإشارة إلى دفع توهم.
أما التوهم : فهو أن إطلاق الآية يقتضي عدم اختصاص وجوب الحذر بصورة إفادة الإنذار العلم ، فيجب العمل بقول المنذر مطلقا ـ يعني : سواء حصل العلم بقوله للمنذر ـ بالفتح ـ أم لا.
وأما الدفع : فهو أنه لا إطلاق للآية من هذه الجهة ، حتى يدل على حجية قول المنذر