وجوب النفر ؛ لا لبيان غايتية التحذر (١) ، ولعل وجوبه كان مشروطا بما إذا أفاد العلم لو لم نقل (٢) بكونه مشروطا به ، فإن النفر (٢) إنما يكون لأجل التفقه ، وتعلّم معالم الدين ، ومعرفة ما جاء به سيد المرسلين «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كي ينذروا بها المتخلفين أو النافرين ، على الوجهين (٤) في تفسير الآية ؛ لكي يحذروا (٥) إذا أنذروا
______________________________________________________
مطلقا ؛ إذ الآية غير مسوقة لبيان غائية التحذر ، حتى يكون لها إطلاق من هذه الجهة ؛ بل مسوقة لبيان وجوب النفر ، ومن المعلوم : أنه مع عدم إحراز الإطلاق من جهة لا يمكن التمسك به من تلك الجهة كما قرر في محله ، فلعل وجوب الحذر كان مشروطا بما إذا أفاد الإنذار العلم كما هو واضح.
(١) كي يجب التحذر مطلقا حتى في صورة عدم حصول العلم بصدق المنذر.
(٢) هذا إشكال ثان على الاستدلال بالآية ، تعرض له الشيخ الأعظم أيضا.
ومحصل هذا الإشكال : إحراز عدم الإطلاق في الآية ، وظهورها في اشتراط وجوب الحذر بإفادة الإنذار للعلم.
توضيحه : أن ظاهر الآية هو الإنذار بما تفقهوا فيه من معالم الدين ، فلا بد أن يكون وجوب الحذر مترتبا على هذا النحو من الإنذار ، فما لم يحرز أن الإنذار إنذار بما تفقهوا فيه لم يجب الحذر ، ولا يجوز الحكم بوجوبه ـ عند الشك في أنه إنذار بما تفقهوا فيه أم لا ـ تمسكا بهذه الآية ، لأنه حينئذ تمسّك بها مع الشك في الموضوع ، وهو غير جائز على ما حرر في محله.
وبالجملة : فمقتضى هذا التقريب اشتراط وجوب العمل بقول المنذر بما إذا علم المنذر ـ بالفتح ـ أن المنذر ـ بالكسر ـ أنذر بما علمه من الأحكام الشرعية ، ومع الشك فيه لا يجب التحذر ؛ لعدم إحراز موضوعه. وضمير «كونه» في قوله : «لو لم نقل بكونه مشروطا به» راجع على التحذر يعني : لو لم نقل بكون التحذر مشروطا بما أفاد العلم.
(٣) بيان لاستظهار كيفية اشتراط وجوب التحذر بإفادة الإنذار العلم.
(٤) متعلق بمحذوف ـ أي : كائنا هذا الترديد بين المتخلفين أو النافرين على الوجهين في تفسير الآية ـ والوجهان أحدهما : إن المتفقهين (رَجَعُوا) هم النافرون. والآخر إن المتفقهين هم المتخلفون ، فعلى الأول : يرجع ضمير (يتفقّهون) ، و (لينذروا) ، (رجعوا)» إلى النافرين ، وضمير (إليهم) ، (لعلّهم) إلى المتخلفين ، وعلى الثاني ، ينعكس الأمر إلا في (رجعوا).
(٥) أي : يحذر المتخلفون بناء على الوجه الأول ، ويحذر النافرون بناء على الوجه