وثانيا (١) : أنه إنما المراد بتصديقه للمؤمنين : هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم ،
______________________________________________________
إخبار المؤمنين ، فيصدقهم بعد العلم بصدقهم ، ومن المعلوم : أن العلم حجة ، فآية الأذن أجنبية عن المقام ؛ لأن محل الكلام في المقام هو : اعتبار قول المؤمن تعبدا ؛ لا لأجل حصول العلم بقوله.
لا يقال : إن سرعة القطع والاعتقاد ممدوحة في غير النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فإنها فيه منافية للعصمة.
فإنه يقال : إن المدح على إبرازه نفسه الشريفة بمنزلة سريع القطع ، أو إنه تعلق بأخلاقه الحميدة ؛ وهي حسن معاملته ومعاشرته مع المؤمنين ، وحسن ظنه بهم ، وعدم اتهامه بالكذب.
وكيف كان ؛ فهذه الآية أجنبية عما نحن فيه ، ولا ربط لها بالمقام أصلا.
(١) هذا هو الوجه الثاني الذي ذكره الشيخ بقوله : «وثانيا : إن المراد من التصديق في الآية ليس جعل المخبر به واقعا ...» الخ. وتوضيح هذا الإيراد يتوقف على مقدمة وهي : إن التصديق على قسمين :
الأول هو الصوري.
والثاني : هو الحقيقي. والفرق بينهما : أن معنى التصديق الصوري : هو إظهار تصديق وقبول ما أخبر به المخبر ؛ ولو مع العلم بكذبه في مقابل إظهار كذبه وردّه.
ومعنى التصديق الحقيقي : هو جعل المخبر به واقعا ، ثم ترتيب آثار الواقع عليه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد يكون مبنيا على أن يكون المراد من التصديق هو المعنى الثاني ؛ لأن التصديق الحقيقي يستلزم حجية قول المخبر ، والتصديق الصوري لا يستلزم حجية قول المخبر ؛ لأن المفروض : هو إظهار التصديق لا العمل بقول المخبر.
ثم التصديق مع قطع النظر عن القرينة وإن كان المتبادر منه التصديق الحقيقي ؛ إلا إن المراد من التصديق في الآية بمقتضى القرائن : هو التصديق الصوري ، ومن القرائن : أن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قد جعل أذن خير لجميع الناس حتى المنافقين ، كما يقتضيه عموم الخطاب بقوله تعالى : (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ، وكون النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أذن خير لجميع الناس لا يصح إلا أن يكون المراد من التصديق التصديق الصوري ؛ إذ على فرض التصديق الحقيقي لا يكون النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أذن خير لجميع الناس ؛ بل للمخبر فقط ، مثلا : إذا أخبر شخص بأن بكرا شرب الخمر ،