ولا تضر غيرهم ؛ لا التصديق بترتيب جميع الآثار ، كما هو المطلوب في باب حجية الخبر ، ويظهر ذلك من تصديقه للنمّام بأنه ما نمّه ، وتصديقه لله تعالى بأنه نمّه كما هو
______________________________________________________
فإن التصديق المطلوب في حجية الخبر هو ترتيب آثار الصدق على إخباره ؛ بأن يجري على بكر حد شرب الخمر ، ومن المعلوم : أنه ليس خيرا لبكر ؛ بل هو خير للمخبر فقط لتصديقه.
ومن القرائن ما في تفسير العياشي عن الصادق «عليهالسلام» من تعليل تصديق المؤمنين بقوله : «لأنه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كان رءوفا رحيما بالمؤمنين» (١) حيث إن الرأفة بجميع المؤمنين تنافي قبول قول أحدهم على الآخر بمعنى ترتيب الآثار على قوله : وإن أنكر المخبر عنه وقوع ما نسب إليه ، فمع الإنكار لا بد من تكذيب أحدهما ، فلا يكون أذن خير للجميع.
فكون النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» رأفة ورحمة للناس كافة لا يناسب التصديق الحقيقي ؛ بأن يقبل النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قول بعضهم على ضرر بعضهم الآخر.
فالمراد من التصديق بالنسبة إلى المؤمنين : هو التصديق الصوري ، فلا تدل الآية على حجية خبر الواحد ؛ لأن دلالتها على الحجية مبنية على أن يكون المراد من التصديق هو : التصديق الحقيقي ، وليس الأمر كذلك ؛ بل المراد منه هو الصوري لا التصديق بمعنى : ترتيب جميع آثار الصدق.
ويؤيده أيضا ـ كما أفاده الشيخ ـ بل يشهد له ما في تفسير القمي «قدسسره» : من أن الآية الشريفة نزلت في عبد الله بن نفيل أو نوفل. أنه كان يسمع كلام النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وينقله إلى المنافقين ، فأوقف الله نبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» على هذه النميمة ، فأحضره النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وسأله عنها ، فحلف له أنه لم يكن شيء مما نمّ عليه ، فقبل منه النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» فرجع إلى أصحابه فقال : إن محمدا أذن ، أخبره الله أني أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل ، وأخبرته أني لم أفعل ذلك فقبل ، فأنزل الله على نبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ...)(٢) الآية».
ومن المعلوم : أن تصديقه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» للمنافق لم يكن إلا إظهارا
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٩٥ / ٨٣ ، بحار الأنوار ١٠٠ : ٨٥ / ١٣.
(٢) تفسير القمي ١ : ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٩٥ / ٤٨.