يصلح لردعها ، كما يكفي في تخصيصها لها ذلك كما لا يخفى ، ضرورة (١) : أن ما جرت عليه السيرة المستمرة في مقام الإطاعة والمعصية ، وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة ، وعدم استحقاقها مع الموافقة ولو في صورة المخالفة للواقع يكون (٢) عقلا في الشرع متبعا ؛ ما لم ينهض (٣) دليل على المنع عن أتباعه (٤) في الشرعيات ، فافهم وتأمل (٥).
______________________________________________________
من عدم صلاحية الآيات والروايات الناهية عن اتباع غير العلم للردع عن السيرة ؛ لاستلزامه الدور.
«إنما يكفي في حجيته» أي : خبر الثقة «ذلك» فاعل «يكفي» ، والمشار إليه : عدم ثبوت الردع عن السيرة ، أو عدم ثبوت كون السيرة مردوعة ، فإذا لم يثبت كون السيرة مردوعة أفادت أمرين :
الأول : حجية الخبر.
الثاني : تخصيص عموم الآيات ، فيكون الخبر حجة للسيرة ما دام لم يثبت ردع الشارع عن السيرة.
(١) تعليل ل «يكفي».
(٢) خبر «أن ما جرت» وقوله : «ولو في صورة» قيد لقوله : «وفي استحقاق العقوبة وعدم استحقاقها» ، وهو إشارة إلى الفرد الخفي من الإطاعة والمعصية وهو صورة مخالفة مورد الإطاعة والمعصية للواقع ، والفرد الجلي منهما هو صورة إصابته للواقع ، يعني : أن ما هو إطاعة ومعصية عند العقلاء يكون عند الشرع كذلك ، سواء كانتا حقيقتين كما في صورة إصابة موردهما للواقع ، أم صورتين كما في صورة مخالفته للواقع.
(٣) فإذا نهض دليل على المنع عن اتباعه كالقياس لم تكن السيرة على العمل به معتبرة حينئذ ، فالمعيار في عدم حجية السيرة العقلائية قيام الدليل ، على المنع عن اتباع ما جرت عليه ، ووصوله إلى المكلف.
(٤) أي : اتباع ما جرت عليه السيرة.
(٥) قوله : «فافهم وتأمل» إشارة إلى كون خبر الثقة متبعا. ولو قيل : بسقوط كل من السيرة والإطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الأمر بين ردعها به وتقييده بها ؛ وذلك لأجل استصحاب حجيته الثابتة قبل نزول الآيتين.
فإن قلت : لا مجال لاحتمال التقييد بها ، فإن دليل اعتبارها مغيّا بعدم الردع عنها ، ومعه لا تكون صالحة لتقييد الإطلاق مع صلاحيته للردع عنها كما لا يخفى.