.................................................................................................
______________________________________________________
٢ ـ وما يرد على هذا الوجه : أن هذا الوجه لا يفيد حجية الخبر بما هو خبر ؛ بل مقتضى هذا الدليل العقلي هو : لزوم العمل بالخبر المثبت للتكليف من باب الاحتياط ، فلا يصلح لإثبات حجية الخبر ؛ بحيث يقدم على العام تخصيصا ، وعلى المطلق تقييدا ، وعلى المفهوم ترجيحا ، وعلى الأصول العملية حكومة أو ورودا. وهذا المعنى لا يثبت بالدليل المزبور.
ولكن هذا الوجه يكون سليما عما أورده الشيخ الأنصاري عليه من مراعاة الاحتياط في جميع الأمارات ؛ لا في الروايات فقط.
وجه السلامة : هو انحلال العلم الإجمالي الكبير ، الذي تكون أطرافه جميع الأمارات إلى العلم الإجمالي الصغير ، الذي تكون أطرافه الروايات فقط ، ولازم ذلك : لزوم الاحتياط في العمل بالروايات فقط ، دون سائر الأمارات.
٣ ـ الوجه الثاني : ما حكي عن صاحب الوافية من أنه لا شك في تكليفنا بالأحكام الشرعية ، وخصوصا الواجبات الضرورية مثل : الصلاة والحج والصوم والزكاة ، وغير ذلك من الضروريات ، ولا شك أيضا في بقاء التكليف بهذه الأمور إلى يوم القيامة. ومن المعلوم : أن أجزاء هذه الأمور وشرائطها وموانعها لا تثبت إلا بخبر الواحد الموجود في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة ، فلو لم يكن خبر الواحد حجة ، وجاز ترك العمل به لكان تخرج هذه الأمور عن حقائقها ، فلا محيص حينئذ عن العمل بخبر الواحد ، فيكون حجة.
٤ ـ وأورد عليه الشيخ بوجهين :
وحاصل الوجه الأول : أن العلم الإجمالي بوجود الأجزاء والشرائط حاصل في جميع الأخبار ؛ لا خصوص الأخبار المشروطة بما ذكر. ومجرد العلم الإجمالي في تلك الطائفة الخاصة لا يوجب خروج غيرها من أطراف العلم الإجمالي ، فلازم ذلك : هو الاحتياط بلزوم الأخذ بكل خبر يدل على الجزئية والشرطية ، ومع عدم إمكان الاحتياط ـ لأجل كونه مخلا بالنظام ـ لا بد من الأخذ بكل خبر ظن بصدوره ؛ كما سيأتي في دليل الانسداد.
وحاصل الوجه الثاني من الإيراد : أن هذا الدليل أخص من المدعى ؛ إذ مقتضاه : العمل بالأخبار المثبتة للجزئية والشرطية ، دون الأخبار النافية لهما ، مع أن المدعى هو مطلق الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة.