وأما الكبرى (١) : فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون ولو لم نقل (٢) بالتحسين والتقبيح ؛ لوضوح : عدم انحصار ملاك حكمه بهما ؛ بل يكون التزامه بدفع الضرر المظنون ـ بل المحتمل ـ بما هو كذلك ولو لم يستقل بالتحسين والتقبيح ، مثل : الالتزام
______________________________________________________
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «أو الظن بالمفسدة فيها» عطف على «الظن بالعقوبة» ، يعني : أن الظن بالوجوب أو الحرمة يلازم الظن بالعقوبة ، والظن بالمفسدة في مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم ، فكلمة «أو» هنا بمعنى الواو.
قوله : «بناء» قيد لقوله : «أو الظن بالمفسدة» ؛ إذ بناء على عدم التبعية لا يكون الظن بالحكم ملازما للظن بالمفسدة كما هو واضح.
(١) وهي وجوب دفع الضرر المظنون ، وقد عرفت توضيحه.
(٢) هذا ردّ على ما أجاب به الحاجبي وغيره عن هذا الوجه العقلي من منع الكبرى ـ أعني : وجوب دفع الضرر المظنون ـ وقد حكاه عنه الشيخ «قدسسره» حيث قال : «وقد أجيب عنه بوجوه أحدها : ما عن الحاجبي وتبعه غيره من منع الكبرى ، وأنه دفع الضرر المظنون إذا قلنا بالتحسين والتقبيح العقليين احتياط مستحب لا واجب» ، فلا بد أولا من بيان ما أجاب به الحاجبي ، وثانيا : من بيان ردّ المصنف عليه.
وأما حاصل ما أفاده الحاجبي في الجواب فيقال : أن هذا الدليل العقلي مبني على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، وتلك ممنوعة أولا على ما ذهب إليه الأشاعرة.
وثانيا : على فرض تسليمها كان مفادها استحباب الاحتياط لا وجوبه ، فدفع الضرر المظنون مستحب وليس بواجب ، ومن المعلوم : أن حجية الظن بالحكم الإلزامي إنما يكون مبنيا على وجوب الاحتياط ، ولا يجب دفع الضرر المظنون عقلا.
هذا تمام الكلام في منع الكبرى على ما حكي عن الحاجبي.
وأما ردّ المصنف عليه : فلما عرفت من : عدم ابتناء هذا الدليل العقلي على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ؛ لأن ملاك حكم العقل لا ينحصر بالتحسين والتقبيح كي يبتني حكمه بوجوب دفع الضرر المظنون على القول بالحسن والقبح العقليين ؛ بل وجوب دفع الضرر من الأمور الفطرية ؛ وإن فرض عدم إدراك العقل حسن الأشياء وقبحها ، فالتزام العقل بدفع الضرر المظنون ؛ بل المحتمل بما هو مظنون ومحتمل ولو لم نقل بالتحسين والتقبيح هو : كالتزامه بفعل ما استقل بحسنه ، أو بترك ما استقل بقبحه إذا