أولها : أنه يعلم إجمالا بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة.
ثانيها : أنه قد انسد علينا باب العلم والعلمي إلى كثير منها.
ثالثها : أنه لا يجوز لنا إهمالها ، وعدم التعرض لامتثالها أصلا.
رابعها : أنه لا يجب علينا الاحتياط في أطراف علمنا ؛ بل لا يجوز في الجملة ، كما لا يجوز الرجوع إلى الأصل في المسألة ، من استصحاب وتخيير وبراءة واحتياط (١) ، ولا إلى فتوى العالم بحكمها.
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن محل الكلام في المقام هو الظن المطلق ؛ لأن الدليل المعروف بدليل الانسداد دليل على حجية الظن المطلق.
وهذا الدليل مركب من مقدمات يستقل العقل مع تحققها بكفاية الإطاعة الظنية ، وبدون هذه المقدمات لا يستقل العقل بذلك وهي خمس :
الأولى : العلم الإجمالي بوجود تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة في مجموع المشتبهات التي هي أطراف العلم الإجمالي الكبير.
الثانية : انسداد باب العلم والعلمي ـ أعني : الأمارات المعتبرة غير العلمية كخبر الواحد ـ إلى معظم الأحكام الشرعية.
وهذه هي المقدمة الأولى التي ذكرها الشيخ «قدسسره» وهي العمدة في الاستنتاج من هذا الدليل.
وكيف كان ؛ فحاصل هذه المقدمة الثانية : أن لم نعلم الأحكام الشرعية. هذا معنى انسداد باب العلم. ولم يقم عليها دليل معتبر ينتهي إلى العلم ، كأن نعلم أن قول زرارة حجة ، ثم يخبرنا زرارة بشيء ، فإن خبر زرارة علمي وليس بعلم ، أي : منسوب إلى العلم.
هذا ـ أي : عدم قيام دليل على الأحكام معنى انسداد باب العلمي.
الثالثة : عدم جواز إهمال التكاليف بالرجوع إلى أصالة البراءة ، وعدم التعرض لامتثالها بالمرة. فإن في ذلك لزوم الخروج من الدين.
الرابعة : عدم جواز الرجوع إلى الوظائف المقررة للجاهل من الاحتياط في جميع الوقائع المشتبهة ، أو الرجوع إلى الأصل في المسألة من البراءة والاستصحاب والتخيير والاحتياط ، أو التقليد بأخذ فتوى الغير الذي يرى انفتاح باب العلم والعلمي ، فليس له الرجوع ولا الإرجاع إلى المجتهد الانفتاحي ؛ لأنه بنظر الانسدادي جاهل بالأحكام.
(١) المراد به : أصالة الاحتياط في المسألة ؛ لا الاحتياط التام ، الجاري فيها وفي غيرها.