من مظنونات عدم التكليف (١) محلا للاحتياط فعلا ، ويرفع اليد عنه (٢) فيها كلا أو بعضا ، بمقدار رفع الاختلال أو رفع العسر ـ على ما عرفت ـ لا محتملات (٣) التكليف مطلقا.
______________________________________________________
وبالجملة : فالمدار رفع العسر ، وعليه : فلا بد في موارد الأصول النافية من الاحتياط ، وإن كان احتمال التكليف فيها موهوما جدا فضلا عن كون التكليف فيها مشكوكا أو مظنونا ، ولا يرتفع الاحتياط في شيء منها إلا بمقدار الاختلال أو العسر.
(١) أي : حتى لو ظن بعدم التكليف فضلا عما لو شك فيه أو توهم عدمه «محلا للاحتياط فعلا» ، لأن الاحتياط وظيفة العالم الإجمالي. نعم ؛ إنما لا يجوز الاحتياط في الموارد التي يوجب الاحتياط فيها اختلال النظام أو العسر.
قوله : «مطلقا» أي : سواء كان مظنونا أو مشكوكا أو موهوما ، يعني : إذا لم ينحل العلم الإجمالي وجب الاحتياط في جميع الموارد التي يحتمل فيها التكليف ولو بالاحتمال الموهوم ، بحيث كان عدم التكليف الإلزامي فيها مظنونا ، فضلا عما إذا كان مشكوك التكليف أو مظنونه. هذا بناء على كون النسخة «عدم التكليف» ، وفي بعض النسخ : «مظنونات التكليف» بإسقاط كلمة «عدم» ليناسب الإتيان بكلمة «لو» فتكون كلمة «لو» للإشارة إلى الفرد الخفي من وجوب الاحتياط مطلقا ، فإن الظن أقوى الاحتمالات ، فلا حاجة إلى بيان وجوب الاحتياط في المظنونات بكلمة «لو».
قوله : «فعلا» أي : حين عدم الانحلال.
(٢) أي : عن الاحتياط «فيها» ، أي : في موارد الأصول النافية.
(٣) عطف على «خصوص موارد الأصول النافية» ، يعني : أن محل الاحتياط ـ حين عدم انحلال العلم الإجمالي ـ هو خصوص موارد الأصول النافية لا جميع محتملات التكليف مطلقا ، يعني : حتى في موارد الأصول المثبتة له ، كما أن رفع اليد عن الاحتياط في موارد الأصول النافية محلا للاحتياط ، والمناط في رفع اليد عنه حينئذ : هو لزوم العسر أو اختلال النظام ، فلو لم يرفع العسر أو الاختلال إلا بترك الاحتياط رأسا تركنا العمل به مطلقا ، يعني : حتى في مظنونات التكليف ، كما أنّه لو ارتفع العسر أو الاختلال برفع اليد عنه في بعض الموارد ، تركنا العمل به كذلك وعملنا به في الباقي وإن كان مشكوك التكليف أو موهومه.
هذا تمام الكلام في المطلب الثاني من مطالب المقدمة الرابعة.