وأمّا الرجوع إلى فتوى العالم (١) : فلا يكاد يجوز ، ضرورة : أنه (٢) لا يجوز إلّا للجاهل لا للفاضل الذي يرى خطأ من يدعي انفتاح باب العلم أو العلمي ، فهل يكون رجوعه إليه بنظره (٣) إلا من قبيل رجوع الفاضل إلى الجاهل؟
وأما المقدمة الخامسة (٤) ، فلاستقلال العقل بها ، وأنه لا يجوز التنزل ـ بعد عدم
______________________________________________________
وبقي الكلام في المطلب الثالث وهو المطلب الآخر ، وقد أشار إليه بقوله : «وأما الرجوع إلى فتوى العالم» .. الخ.
(١) وحاصل ما أفاده المصنف في المطلب الثالث : أن رجوع الانسدادي إلى المجتهد الانفتاحي باطل ؛ إذ رجوعه إلى الانفتاحي تقليد له ، وهو من باب رجوع الجاهل إلى العالم ، وليس المقام منه حتى يشمله دليل جواز التقليد ، «ضرورة : أن الانسدادي يعتقد بخطإ الانفتاحي ، وأن مستنده غير صالح للاعتماد عليه ، فالانفتاحي جاهل بنظر الانسدادي ، وليس رجوعه إليه من رجوع الجاهل إلى العالم حتى يشمله دليله ؛ بل من رجوع الفاضل إلى الجاهل ، فيبطل رجوع الانسدادي إليه.
(٢) أي : أن الرجوع إلى العالم لا يجوز إلا للجاهل ، وليس رجوع الانسدادي إلى الانفتاحي من رجوع الجاهل إلى العالم ؛ بل من رجوع العالم إلى الجاهل ، وهو غير جائز.
(٣) أي : فهل يكون رجوع الانسدادي إلى من يدعي انفتاح باب العلم أو العلمي إلّا من رجوع الفاضل إلى الجاهل؟ فالاستفهام للإنكار ، يعني : لا يكن رجوعه إليه إلّا من باب رجوع الفاضل إلى الجاهل.
(٤) وحاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» : هو تسليم المقدمة الخامسة ، وهي كون ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا ، وذلك لاستقبال العقل بها وأنه لا يجوز التنزل من الإطاعة الظنية إلى الإطاعة الشكية والوهمية بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية ؛ وذلك لبداهة مرجوحيتهما بالنسبة إليها.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة : وهي أن مراتب الإطاعة هي أربعة :
الأولى : العلمية التفصيلية.
الثانية : العلمية الإجمالية. المعبّر عنها بالاحتياط.
الثالثة : الظنية ، وهي أن يأتي المكلف بما يظن أنه المكلف به.
الرابعة : الإطاعة الاحتمالية من الشكية والوهمية ، وهي التي لا توجب شيئا من العلم أو الظن بامتثال التكليف.