التمكن من الإطاعة العلمية أو عدم وجوبها ـ إلا إلى الإطاعة الظنية دون الشكية أو الوهمية ، لبداهة (١) مرجوحيّتهما بالإضافة إليها ، وقبح (٢) ترجيح المرجوح على الراجح ؛ لكنك عرفت : عدم وصول النوبة إلى الإطاعة الاحتمالية ، مع (٣) دوران
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن فقدان المرتبة الأولى والثانية. واضح ، وأمّا فقدان المرتبة الأولى ؛ فلأن المفروض : هو انسداد باب العلم بالأحكام. وأما فقدان المرتبة الثانية : فلعدم وجوب الاحتياط ؛ بل عدم جوازه ؛ لما عرفت من كونه موجبا لاختلال النظام أو العسر.
ومن المعلوم أنه بعد فقدان المرتبتين المذكورتين تصل النوبة إلى المرتبة الثالثة ، وهي الإطاعة الظنية دون الاحتمالية ؛ لمرجوحيتها بالنسبة إلى الامتثال الظني فتقديمها عليه قبيح ؛ لأنه ترجيح المرجوح على الراجح ، فالمقدمة الخامسة وإن كانت مسلمة في نفسها إلّا إنه لا تصل النوبة إلى دوران الأمر بين الإطاعة الظنية والاحتمالية إلّا بعد عدم انحلال العلم الإجمالي الكبير ، أعني : العلم الإجمالي بوجود التكاليف الإلزامية بين الوقائع المظنونة والمشكوكة والموهومة ؛ حتى يكون ـ بسبب عدم انحلاله مقتضيا للاحتياط التام ؛ لكن لمّا لم يكن الاحتياط التام ممكنا أو لم يكن واجبا يرفع اليد عنه بالاحتياط في بعض الأطراف فيدور الأمر ـ في الامتثال ـ بين الأطراف المظنونة وبين المشكوكة والموهومة ، فيقال : لا تصل النوبة إلى الأطراف المشكوكة والموهومة ما دامت المظنونة موجودة ؛ لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح.
وأمّا بناء على انحلال العلم الإجمالي الكبير ـ بسبب العلم الإجمالي بصدور روايات كاشفة عن أحكام إلزامية موجودة في الكتب المعبّرة ـ فلا مجال للأطراف الاحتمالية ؛ إذ لا تصل النوبة إليها ؛ بل يجب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي الثاني أي الصغير ، ولا وجه لرفع اليد عن هذا الاحتياط ؛ لعدم لزوم عسر منه فضلا عن اختلال النظام.
(١) تعليل لقوله : «لا يجوز التنزّل».
(٢) بالجر عطف على «بداهة» أي : لقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
(٣) يعني : وعدم دوران الأمر ، فالأولى تبديل «مع» ب «وعدم» ليكون معطوفا على «عدم وصول».
وكيف كان ، فتوضيح ما استدركه بقوله : «ولكنك عرفت» عن تسليم المقدمة الخامسة : أن المقدمة الخامسة وإن كانت هي مسلمة لا ريب فيها ، وذلك لاستقلال العقل بها.
وأنه لا يجوز التنزل بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية أو عدم وجوبها إلّا إلى الإطاعة الظنية دون الشكية والوهمية ؛ ولكنك عرفت عدم وصول النوبة ، إلى الإطاعة