واختيار ، وعدم تحققه (١) فيه لعدم مخالفته (٢) أصلا ولو بلا اختيار (٣) ؛ بل (٤) عدم
______________________________________________________
(١) أي : وعدم تحقق سبب الاستحقاق في المتجري إنما هو لعدم تحقق المخالفة.
(٢) أي : المتجري ، وهذا تعليل لعدم تحقق سبب الاستحقاق في المتجري.
وحاصله : أن المتجرى لا يستحق العقوبة ؛ لعدم مخالفته أصلا ، كما إذا شرب الخل باعتقاد كونه من المحرمات الشرعية ، ثم تبين له أنه لم يكن حراما شرعا ، فحينئذ : صدر منه فعل اختياري وهو شرب الخل بقصد كونه شرب الخمر ؛ لكن ليس شربه له مخالفة لحكم المولى ، لعدم ارتكابه للحرام ولو كان عدم مخالفته لتكليف المولى لأمر غير اختياري وهو خطأ قطعه.
(٣) أي : لا باختيار ولا بغير اختيار ، إذ المفروض : أنه شرب الخل فلم يشرب باختياره ولم يشربها بغير اختياره ، فإنه لم يتحقق شرب الخمر أصلا حتى يقال : إنه باختيار أو بغير اختيار.
(٤) عطف على قوله : «لعدم» وإضراب عنه ، وهذا إشارة إلى الجواب الثاني عن الدليل العقلي المزبور ، وحاصله : أن الدليل العقلي المذكور لما كان كان مورده صدور الفعل عن المتجري واستحقاق العقاب على الفعل ، أراد أن يزيّفه بأنه أخص من المدعي ؛ إذ قد يتفق عدم صدور فعل اختياري من المتجري حتى يقال بترتب استحقاق العقوبة عليه ؛ وذلك كما إذا اعتقد انطباق عنوان محرم كالخمر مثلا على مائع شخصي ، فشربه بقصد الخمرية ، ثم ظهر كونه خلا ، فإن ما أراده من شرب الخمر لم يتحقق في الخارج كما هو المفروض ، وما تحقق في الخارج من شرب الخل لم يكن مقصودا له ، فلم يصدر منه فعل اختياري ، وهذا مطرد في الموضوعات دون الأحكام ، فإذا شرب الخل بعنوان شرب الخل معتقدا بحرمته ـ وظهر عدم حرمته ـ فإن شرب الخل فعل اختياري له.
والفرق بين الجوابين : أن الأول : يجري في مطلق التجري ، والثاني : يختص بالشبهات الموضوعية ؛ إذ المفروض : كونه متجريا في تطبيق الموضوع المعلوم الحرمة ـ كالخمر في المثال المذكور ـ على الخل ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٦٦» مع تصرف منّا.
قوله : «كما في التجري بارتكاب ...» إلخ ، إشارة إلى الخطأ في الموضوعات.
قوله : «فيحتاج إلى إثبات ...» الخ ، إشارة إلى إثبات سببية المخالفة الاعتقادية لاستحقاق العقوبة ؛ كالمخالفة الواقعية الاختيارية ، يعني : بعد إثبات عدم صدور فعل اختياري في بعض أفراد التجري ، فلا بدّ في الحكم باستحقاق العقوبة حينئذ من إثبات