ومتعلق (١) العلم ، وهو (٢) طريق شرعا وعقلا ، أو بإتيانه (٣) الجعلي ؛ وذلك ، لأن (٤) العقل قد استقل بأن
الإتيان بالمكلف به الحقيقي بما هو ، لا بما هو مؤدّى الطريق مبرئ للذمة قطعا (٥).
______________________________________________________
أصلا ؛ إذ لا يبقى فرق بين الظن بالطريق أو الظن بالواقع من حيث حصول الظن بتفريغ الذمة في حكم الشارع.
هذا تمام الكلام في الأقوال في المقام من حيث النقض والإبرام ؛ فنذكر توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) عطف على قوله : «معلوم ومؤدى» ، وغرضه : الإشارة إلى فساد توهم أن المعتبر هو الظن بالواقع لا من حيث هو ، بل من حيث كونه مؤدى الطريق كما ينسب إلى صاحب الحاشية وسيأتي بيانه.
(٢) الواو للحال ، والضمير راجع إلى العلم ، وغرضه : إثبات عدم تقيد الواقع بالعلم بما حاصله : أن العلم ليس إلا طريقا محضا إلى الواقع ومرآة له ، فلا يمكن تقييد المتعلق به ؛ بحيث يكون العلم موضوعا له ؛ لاستلزامه للدور كما تقدم في مبحث القطع ، فالواجب مثلا في الصلاة هو السورة ، لا السورة المعلوم وجوبها.
(٣) عطف على «بإتيان» ، والضمير راجع إلى المكلف به ، فالجعل صفة للضمير ، وهو ضعيف من حيث الصناعة وإن قيل بوروده في قوله : «اللهم صل عليه الرءوف الرحيم» بجر الوصف.
(٤) بيان لما ذكره بقوله : «وأن المؤمّن في حال الانفتاح هو القطع ...» الخ ، ولا يخفى أنه لم يذكر في هذا البيان أكثر مما ذكره بقوله : «وأن المؤمّن في حال الانفتاح» إلا إنه أبدل «المؤمّن» ب «المبرئ للذمة» ، وأسقط القطع بإتيان الواقع الجعلي ، ولا بأس به بعد كون ما أفاده في قوله : «وذلك» تكرارا لما ذكره قبيل هذا.
وكيف كان ؛ فإن العقل يحكم بأن المؤمّن هو الإتيان بالواقع الحقيقي أو الواقع الجعلي ، بأن قامت أمارة أو أصل على الحكم فتعلق القطع بذلك.
(٥) أي : من يقول بأن الأحكام قيدت بالطرق حتى إنها لا تكفي إلا إذا جاءت عن الطرق ليس لكلامه دليل ، لما ذكرنا من أن العقل يرى وجوب إطاعة المولى بالإتيان بأحكامه ، لا الإتيان بأحكامه المقيدة بطرق خاصة حتى نقول بمثل ذلك في حال الانسداد ؛ بأن يكون المكلف به هو الواقع بقيد كونه مظنونا.