.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ؛ إذا قيل : إذا علمت بوجوب الصلاة حرمت عليك الصلاة كان من اجتماع الضدين. وكيف كان ؛ فهذا تمام الكلام في الأمر الأول.
وأما الأمر الثاني : ـ وهو قيام الأمارات مقام بعض أقسام القطع ـ فسيأتي تفصيل الكلام في قوله : «ثم لا ريب في قيام الطرق والأمارات المعتبرة بدليل حجيتها».
وحاصل الكلام فيه : أنه لما كان القطع طريقا محضا ، وموضوعيا على نحو الطريقية وموضوعيا على نحو الصفتية جعل المصنف «قدسسره» البحث عن قيام الأمارات مقام القطع في مقامات ثلاثة :
أحدها : قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض.
ثانيها : عدم قيامها مقام القطع الموضوعي على وجه الصفتية.
ثالثها : عدم قيامها مقام القطع الموضوعي على وجه الكشف والطريقية.
وجعل البحث عن قيام الأصول مقامه في مقام واحد ، وهو عدم قيام الأصول مقام القطع مطلقا حتى الطريقي المحض عدا الاستصحاب ، كما سيأتي. فالمقامات أربعة. وقبل الخوض في البحث لا بد من بيان محل الكلام في قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض فنقول : إن محل الكلام هو قيام الأمارات مقام القطع هو قيامها مقامه بنفس الأدلة الدالة على اعتبارها ، إذ لا كلام في قيامها مقامه بالدليل الخاص. فيقع الكلام في أن الأمارات بنفس الأدلة الدالة على اعتبارها هل تقوم مقام القطع أم لا؟
إذا عرفت محل الكلام فاعلم : أنه لا ريب في قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض ؛ لأن مفاد أدلة اعتبارها هو إلغاء احتمال مخالفتها للواقع ، فتنزل الأمارات بعد إلغاء احتمال الخلاف بأدلة الاعتبار بمنزلة القطع والعلم ، فيترتب عليها ما يترتب عليه من الحكم العقلي ـ وهو التنجيز في صورة الإصابة ، والتعذير عند الخطأ ؛ لأن المراد بقيامها مقامه هو ترتب أثره عليها.
وعليه : فمقتضى أدلة اعتبار الأمارات ـ سواء كان مفادها جعل الحكم التكليفي وهو وجوب العمل على طبق الأمارة كما عن الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، أم جعل الحجية كما يظهر من المصنف «قدسسره» ـ هو قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض ؛ لأن البناء على كون الأمارة طريقا محرزا للواقع يقتضي تنجيز مؤداها مع الإصابة ، والتعذير عند الخطأ ، وإلا فلا معنى لحجيّة الأمارات ، فترتب أثر القطع ـ وهو الحجية ـ بمعنى : التنجيز والتعذير على الأمارات المعتبرة مما لا بد منه ، وهذا مما لا ينبغي إطالة الكلام فيه.