أيضا (١) لا يفي بقيامه مقام القطع المأخوذ في الموضوع مطلقا (٢) ، وأن مثل (لا تنقض اليقين) لا بد من أن يكون مسوقا إما بلحاظ المتيقن (٣) ، أو بلحاظ نفس اليقين (٤).
وما ذكرنا في الحاشية (٥) ـ في وجه تصحيح لحاظ واحد في التنزيل منزلة الواقع
______________________________________________________
كما تقدم ، فدليل الاستصحاب مثل قوله : «عليهالسلام» : «ولا تنقض اليقين أبدا بالشك» (١) لا بد أن يكون ناظرا إلى تنزيل الشك في البقاء منزلة القطع به ، أو إلى تنزيل المشكوك منزلة المتيقن ، ولا يعقل أن يكون ناظرا إلى كلا التنزيلين ؛ لاستلزامه اجتماع اللحاظين على ما تقدم.
(١) أي : كدليل اعتبار الأمارة.
(٢) أي : سواء كان تمام الموضوع أم جزؤه ، وسواء كان أخذه على نحو الصفتية أم على نحو الطريقية.
(٣) فيكون لحاظ القطع آليا.
(٤) فيكون لحاظ القطع استقلاليا ، وعلى الأول : يكون استصحاب وجوب الصلاة ـ في مثال : إذا قطعت بوجوب الصلاة وجب عليك التصدق ـ موجبا للإتيان بالصلاة فقط ولا يكون موجبا للتصدق. هذا بخلاف الفرض الثاني ـ وهو لحاظ القطع استقلاليا ـ حيث يكون استصحاب وجوب الصلاة موجبا للتصدق فقط ؛ لا للإتيان بالصلاة ، وإنما نقول بلزوم كون التنزيل بأحد اللحاظين لما عرفت غير مرّة من : استحالة الجمع بينهما في لحاظ واحد ، وإنما نقول بالأول دون الثاني لظهور كون التنزيل بلحاظ الطريقية والكاشفية لا الموضوعية.
(٥) مقصوده : تصحيح قيام الأمارة والاستصحاب مقام القطع الموضوعي والطريقي بنفس دليل اعتبارهما.
وحاصل ما أفاده المصنف : هو أن أدلة الأمارات متكفلة لتنزل المؤدى منزلة الواقع فقط ، فلا يلزم هناك إلا لحاظ واحد آلي ، غايته : تلك الأدلة بالدلالة الالتزامية العرفية تدل على تنزيل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع ، من دون احتياج اللحاظ الاستقلالي ، فيترتب تحقق كلا جزءي الموضوع المأخوذ فيه القطع على تنزيل واحد من حيث المؤدى فقط. ثم قال : بأن هذا لا يخلو من تكلف بل تعسف.
فقوله : «لا يخلو من تكلف» خبر لقوله : «وما ذكرنا في الحاشية» ، فلا بد أولا من
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٣٦١ / ب ٨٠ ، جزء من ح ١ ، تهذيب الأحكام ١ : ٤٢١ م جزء من ح ١٣٢٥ ، الوسائل ٣ : ٤٦٦ / ٤١٩٢.