.................................................................................................
______________________________________________________
٣ ـ ما أحرز أحدهما بالتعبد الملازم عرفا لإحراز الآخر.
والمقام من هذا القبيل بمعنى : أن الدليل لو نزل مؤدى الأمارة أو المستصحب منزلة الواقع فقد دل بالالتزام العرفي على تنزيل الأمارة ـ وهي القطع الجعلي ـ منزلة القطع الحقيقي ، فيكون دليل التنزيل دالا بالمطابقة على تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، وبالالتزام على تنزيل القطع بالمؤدى منزلة القطع بالواقع ، من دون احتياج إلى اللحاظ الاستقلالي ، فلا يلزم هناك إلا لحاظ واحد آلي فيترتب تحقق كلا جزءي الموضوع المأخوذ فيه القطع على تنزيل واحد من حيث المؤدى فقط.
فإذا قام خبر الواحد أو الاستصحاب على وجوب الصلاة يترتب عليه وجوب التصدق الذي يكون موضوعه وجوبها مع القطع به فتدبر.
فالمتحصل : أنه لا يلزم حينئذ الجمع بين اللحاظين المختلفين في آن واحد لكون أحد اللحاظين في طول الآخر. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح ما في الحاشية. وتركنا تطويل الكلام في المقام تجنبا عن التطويل الممل.
بقى الكلام في وجه وصف هذا الوجه في الكفاية بالتكلف أولا ، وبالتعسف ثانيا.
وأما وجه التكلف : فهو عدم الملازمة العرفية بين تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، وبين تنزيل القطع بالمؤدى منزلة القطع بالواقع ؛ وذلك لوجهين :
الأول : أن التنزيل الثاني ليس من قبيل اللازم البيّن للتنزيل الأوّل ، ولا من قبيل اللازم غير البيّن وإنما هو نتيجة صون فعل الحكيم عن اللغوية ، وهو فرع شمول دليل الاستصحاب للمورد ؛ بل هو أول الكلام لاحتمال اختصاصه بما إذا كان القطع طريقا محضا كما هو مورد بعض الروايات.
الثاني : هو إمكان دعوى عدم انسباق هذا اللزوم إلى أذهان العرف ، فليس هناك لزوم عرفي حتى تصح دعوى الملازمة العرفية ، فلا يدل دليل الاعتبار إلا على ترتيب آثار القطع ـ بما هو طريق وكاشف ـ على الأمارة أو الاستصحاب.
وأما التعسف فوجهه : لزوم الدور الذي أشار إليه بقوله : «فإنه لا يكاد يصح ...» إلخ.
وأما توضيح الدور : فيتوقف على مقدمة وهي بيان أمور :
الأول : أن التنزيل الشرعي لا يصح إلا في ظرف ترتب الأثر الشرعي على المنزل.
الثاني : إذا كان الأثر مترتبا على الموضوع المركب كالماء الكر ، فلا بد في ترتيب الأثر الشرعي عليه من إحراز الموضوع بكلا جزأيه بالوجدان ، أو أحدهما بالوجدان والآخر