فمفهوم (إن جاءك زيد فأكرمه) مثلا ـ لو قيل به ـ قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها ، لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية ، وتكون لها خصوصية ، بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها ، فصح أن يقال : إن المفهوم إنما
______________________________________________________
وقد يكون الكلام دالّا على الخصوصية ولكن لا يلزم منها حكم غير ما ذكر في الكلام بلا فرق بين كون تلك الخصوصية مدلولا عليها بالوضع أو بقرينة الحكمة أو بغيرها كما في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ، فإنّ مدلوله حلّية البيع وشمولها لجميع أفراده ، وخصوصية الشمول مستفادة من قرينة الحكمة المسمّاة بمقدّمات الإطلاق ولكن لا تلازم حكما غير ما دلّ عليه الكلام بل تلك الخصوصية عين ثبوت الحكم دالا على الأفراد بنحو العموم المذكور لجميع الأفراد ، ولو كان قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لكانت الخصوصية مستفادة بالوضع ، وعلى كلا التقديرين فلا يدخل هذا في المفهوم المصطلح المقابل للمنطوق ، وعليه فالمفهوم حكم غير مذكور ، سواء كان موضوعه مذكورا أم لا والأوّل كما في القضية الشرطية والثاني كما في قوله (في الغنم السائمة زكاة) فإنه بناء على مفهوم الوصف يدلّ الوصف على خصوصية يلزم منها عدم الزكاة في الغنم المعلوفة وعدم الزكاة فيها غير مذكور حتّى بموضوعه.
ومما ذكر يظهر أنّ تعريف المفهوم بأنّه حكم إخباري أو إنشائي لغير مذكور يختص بالثاني ولا يعمّ الأول مع إطلاق المفهوم على كلّ منهما.
وبالجملة إذا كان الكلام دالّا على خصوصية يلزم من تلك الخصوصية حكم لم يذكر في الكلام ، يكون الحكم غير المذكور مفهوما والحكم المذكور منطوقا فالمفهوم المصطلح وصف للمدلول أي الحكم غير المذكور ولذا يقال هل للقضية الشرطية
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٧٥.