فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول ، بأن الأمر بالتخلص والنهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما ، ولا موجب للتقييد عقلا ، لعدم استحالة كون الخروج واجبا وحراما باعتبارين مختلفين ، إذ منشأ الاستحالة : إما لزوم اجتماع الضدين وهو غير لازم ، مع تعدد الجهة ، وإما لزوم التكليف بما لا يطاق وهو ليس بمحال إذا كان مسببا عن سوء الاختيار ، وذلك لما عرفت من ثبوت الموجب للتقييد عقلا ولو كانا بعنوانين ، وأن اجتماع الضدين لازم ولو مع تعدد الجهة ، مع عدم تعددها هاهنا ، والتكليف بما لا يطاق محال على كل حال ، نعم لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم أو الإيجاب.
______________________________________________________
وسقوط النهي عنها بعد الدخول في الدار ليس معناه تعليق تحريم الحركة الخروجية على ترك الدخول في الدار ليقال إنّ النهي المعلّق على ترك الدخول من قبيل طلب الحاصل ، بل سقوطه نظير سقوطه بالإضافة إلى الدخول لكون الغاية من النهي عنها تركها بترك الدخول فيها وكون بقائه بعد الدخول فيها لغوا مع إرشاد العقل إلى اختيارها لدفع الأفسد على ما تقدّم.
وأمّا الالتزام بكونها مقدّمة منحصرة للواجب الأهمّ ومع ذلك لا يتعلّق بها الوجوب الغيري لعدم إمكان الأمر بالمنهي عنه ولو كان النهي والأمر في زمانين ، فلا يمكن المساعدة عليه.
أمّا أوّلا ، فلأنّ الدخول في الدار والخروج عنها والبقاء فيها كلّها محرّمة بعنوان التصرّف في ملك الغير وما له بلا طيب نفسه ، حيث إنّ التصرّف كذلك في ملك الغير ظلم وعدوان عليه ، فكون المكلّف تاركا للتصرف في ملك الغير وماله ليس واجبا شرعيا وإنّما يكون ترك التصرّف تركا للحرام ، ولكن الحركة الخروجية ملازمة لترك فرد آخر من الحرام وهو التصرّف البقائي لا أنّها مقدّمة لترك فرد آخر حتّى يقال بأنّ