ولعل العرف يساعد على الوجه الثاني ، كما أن العقل ربما يعين هذا الوجه ، بملاحظة أن الأمور المتعددة بما هي مختلفة ، لا يمكن أن يكون كل منها مؤثرا في واحد ، فإنه لا بد من الربط الخاص بين العلة والمعلول ، ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين بما هما اثنان ، ولذلك أيضا لا يصدر من الواحد إلّا الواحد ، فلا بد من المصير إلى أن الشرط في الحقيقة واحد ، وهو المشترك بين الشرطين بعد البناء على رفع اليد عن المفهوم ، وبقاء إطلاق الشرط في كل منهما على حاله ، وإن كان بناء العرف والأذهان العامية على تعدد الشرط وتأثير كل شرط بعنوانه الخاص ، فافهم.
______________________________________________________
يتعيّن عند نفي القصر في فرض ثالث التمسّك بدليل آخر أو يؤخذ بالأصل العملي.
الثالث : الجمع بين القضيتين الشرطيتين بتقييد الشرط في أحدهما بحصول الشرط في الآخر بحيث يكون التقييد بمفاد واو الجمع فيتعين في وجوب القصر خفاء الأذان وخفاء الجدران فلا قصر مع عدم اجتماعهما.
الرابع : أن تكشف القضيتان عن كون الشرط في وجوب القصر هو الجامع بينهما ، مثلا الموضوع لوجوب القصر حصول البعد الخاص المتحقّق مع خفاء الجدران وخفاء الأذان ، والعرف يساعد على الوجه الثاني من الجمع ويتعيّن الوجه الرابع عقلا ، وذلك لقاعدة «الواحد لا يصدر إلّا من الواحد» ومنه الحكم الوارد في الجزاء فيستحيل أن يصدر إلّا عن واحد ، حيث إنّه لا بدّ من الربط الخاص بين المعلول وعلّته ولا يمكن أن يرتبط الواحد بالاثنين بما هما اثنان فلا بدّ من المصير إلى أنّ الشرط للجزاء يكون واحدا وهو حصول المشترك والقدر الجامع بين الشرطين ويبقى المفهوم في كلّ منهما بحاله غير أنّه يراد بالشرط الوارد في كلّ من القضيتين تحقّق ذلك الجامع ، والظاهر عدم الفرق عملا بين هذا الوجه والوجه الأوّل.