.................................................................................................
______________________________________________________
والوجه الخامس : أن يرفع اليد عن المفهوم في خصوص إحدى القضيتين الشرطيتين وبقاء الآخر منهما على المفهوم ولكن الالتزام بهذا الوجه غير صحيح إلّا أن يكون ما أبقي على مفهومه أظهر.
أقول : لا يخفى أنّ المعارضة في الحقيقة بين مفهوم كلّ منهما مع المنطوق في الأخرى وإذا رفع اليد عن مفهوم إحداهما مع أنّ كلّا منهما قضية شرطية تبقى المعارضة بين مفهوم الثانية مع منطوق الأولى بحالها ، فرفع اليد عن المفهوم في إحداهما بمجرّده لا ينفع ، ولا وقع لهذا الوجه الخامس أصلا ، كما لا وقع للجمع بالوجه الثاني ، فإنّه إنّما يرفع اليد عن الظهور بمقدار دلالة القرينة على خلاف أصالة التطابق ، ولذا لو ورد في خطاب الأمر بإكرام العلماء بالعموم الوضعي أو الإطلاقي وورد في خطاب آخر النهي عن إكرام قسم من العلماء فلا يمكن رفع اليد عن العموم والإطلاق طرّا ، ومن العجب جعل الماتن قدسسره الوجه الثاني أقرب الوجوه عرفا ، ولعلّ هذا من تبعات الالتزام بأنّ ثبوت المفهوم للقضية الشرطية مبتن على دلالتها على كون الشرط علّة منحصرة للجزاء ، ومع العلم بحصول الجزاء بشيء آخر يعلم أنّه ليس من العلّة المنحصرة فلا مفهوم لها.
وأمّا الوجه الرابع فقد ذكرنا مرارا بأنّ قاعدة «الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد» أجنبيّة عن مثل المقام مما يكون ثبوت الحكم وتحقّقه بالجعل من الحاكم ، والجعل فعل إرادي يحتاج إلى المرجّح وهو صلاح الفعل إمّا في كلتا الصورتين أو في صورة واحدة وعلى ذلك يدور الأمر في المقام بين الوجه الأول والثالث حيث إنّ مقتضى الأول تقييد الشرط بمفاد (أو) والثالث تقييده بمفاد (واو) الجمع ، إذ دلالة المفهوم تبعية وليست قابلة للتصرّف بنفسها بل بتبع التصرف في المنطوق.