ولا يخفى أنه لا وجه لأن يصار إلى واحد منها ، فإنه رفع اليد عن الظاهر بلا وجه ، مع ما في الأخيرين من الاحتياج إلى إثبات أن متعلق الجزاء متعدد متصادق على واحد ، وإن كان صورة واحدا سمي باسم واحد ، كالغسل ، وإلى إثبات أن الحادث بغير الشرط الأول تؤكد ما حدث بالأول ، ومجرد الاحتمال لا يجدي ، ما لم يكن في البين ما يثبته.
______________________________________________________
مثلا إذا تردّدت وظيفة المكلّف بين القصر والتمام فلا يمكن أن يجري البراءة عن وجوب إحدى الصلاتين بعد الإتيان بالأخرى بدعوى أنّ تعلّق التكليف بالثانية وثبوته بعد الإتيان بالأولى غير محرز ، وذلك فإنّ وجوب المأتي بها أوّلا غير محرز أيضا وأصالة البراءة عن وجوب التمام مثلا بعد الإتيان بالصلاة قصرا كانت معارضة من قبل ، بأصالة البراءة عن وجوب الأولى ، وكذا لا تجري البراءة في الشبهة الموضوعية كما لو شك في الإتيان بوظيفة الوقت ، فإنّ الاستصحاب في ناحية عدم الإتيان بها يعيّن بقاء وجوبها ، هذا كلّه فيما إذا كان الجزاء الوارد في القضية الشرطية قد تضمّن حكما تكليفيا.
وأمّا إذا كان وضعيا ، فالأصل عند الشك في تداخل الأسباب هو التداخل أيضا ، لأنّ الأصل عدم حدوث الزائد على الحكم الوضعي الواحد. وإن كان الشك في تداخل المسبّبات فتختلف الموارد ، فتارة يقتضي الأصل عدم التداخل ، كما إذا مسّ ميّتا بعد برودته وأجنب ، وقلنا بأنّ الطهارة المشروط بها الصلاة أمر مسبّبي يحصل بالوضوء والغسل أو التيمّم ، وعليه فإذا اقتصر المكلّف على غسل واحد لا نحرز حصول تلك الطهارة ، ومقتضى الأصل عدم حصولها ، بخلاف ما إذا اغتسل لكلّ من المسّ والجنابة فانّه يجزى حصولها ، ولو قلنا بأنّ الطهارة عنوان لنفس تلك الأفعال فاشتراط الصلاة من المكلّف بالغسل الآخر بعد اغتساله بأحدهما غير محرز ،