ولا يخفى أن النزاع على الوجهين الأولين يكون عقليا ، وعلى الوجه الأخير لغويا.
إذا عرفت هذا ، فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدوم عقلا ، بمعنى بعثه أو زجره فعلا ، ضرورة أنه بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقة ، ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلّا من الموجود ضرورة ، نعم هو بمعنى إنشاء الطلب بلا بعث ولا زجر ، لا استحالة فيه أصلا ، فإن الإنشاء خفيف المئونة ، فالحكيم (تبارك وتعالى) ينشئ على وفق الحكمة والمصلحة ، طلب شيء قانونا من الموجود والمعدوم حين الخطاب ، ليصير فعليا بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع بلا حاجة إلى إنشاء آخر ، فتدبر.
______________________________________________________
الثالثة : هل العناوين الواقعة بعد أداة الخطاب تختصّ بمن ينطبق عليه عنوان المشافه والحاضر مجلس التخاطب أو أنّها تبقى على عمومها كما إذا لم تكن واقعة في تلو تلك الأداة؟
وذكر الماتن قدسسره في الجهة الأولى ما حاصله : أنّه لا بأس بإنشاء التكليف على المعدوم زمان الإنشاء ، بأن ينشأ بقوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وجوبها ، بعدد الموجودين إلى قيام الساعة ، بحيث يكون الطلب المنشأ فعليا وطلبا حقيقيا بالإضافة إلى الواجدين لشرائط البعث والزجر من الموجودين ، وإنشائيا بالإضافة إلى غيرهم بأن تكون فعليته في حقّهم عند وجودهم وحصول شرائط البعث والزجر لهم ، فإنّ التكليف الإنشائي خفيف المئونة حيث إنّ قوامه يكون بالتلفظ بقصد حصول ما يحصل بالاعتبار ونظير هذا الإنشاء في غير التكليف والطلب ، إنشاء الملكية للبطون المتأخّرة في الوقف الخاص ، فإنّ الواقف حين وقفه ينشأ ملكية العين للبطون بحسب زمان وجودهم وانقضاء البطن السابق عليهم بحيث تنشأ الملكية لهم مع