ولا يذهب عليك ، أنه يمكن إثبات الاتحاد ، وعدم دخل ما كان البالغ الآن فاقدا له مما كان المشافهون واجدين له ، بإطلاق الخطاب إليهم من دون التقييد به ، وكونهم كذلك لا يوجب صحة الإطلاق ، مع إرادة المقيد معه فيما يمكن أن يتطرق الفقدان ، وإن صح فيما لا يتطرق إليه ذلك. وليس المراد بالاتحاد في الصنف إلّا الاتحاد فيما اعتبر قيدا في الأحكام ، لا الاتحاد فيما كثر الاختلاف بحسبه ، والتفاوت بسببه بين الأنام ، بل في شخص واحد بمرور الدهور والأيام ، وإلّا لما ثبت بقاعدة الاشتراك للغائبين ـ فضلا عن المعدومين ـ حكم من الأحكام.
ودليل الاشتراك إنما يجدي في عدم اختصاص التكاليف بأشخاص المشافهين ، فيما لم يكونوا مختصين بخصوص عنوان ، لو لم يكونوا معنونين به لشك في شمولها لهم أيضا ، فلو لا الإطلاق وإثبات عدم دخل ذاك العنوان في الحكم ، لما أفاد دليل الاشتراك ، ومعه كان الحكم يعم غير المشافهين ولو قيل باختصاص الخطابات بهم ، فتأمل جيدا.
______________________________________________________
في زمان صدور الخطاب ومن يوجد في العصور المتأخّرة ، واحتمل دخالة أمر آخر في ثبوته مما كان الموجودين في زمان الخطاب واجدين له ، فبناء على عموم الخطابات للغائبين والمعدومين يحكم بعدم دخالته في الحكم المفروض ، حيث إنّه لو كان دخيلا فيه لوجب التصريح به في الخطاب ، لئلّا ينتقض غرض المتكلّم بالإضافة إلى الغائبين والمعدومين المقصودين في توجيه الخطابات ، وهذا بخلاف ما إذا بنى على اختصاصها بالمشافهين والحاضرين فإنّ مدلول تلك الخطابات والمقصود منها بيان الأحكام في حقّ الحاضرين والموجودين في ذلك الزمان ، وأمّا عدم التعرّض للقيد المفروض وعدم ذكره لهم فلا محذور فيه لأنهم كانوا واجدين له ، ولكن تسرية تلك الأحكام إلى الموجودين بعد ذلك الزمان إنّما كان بضرورة