ثم إنه قد انقدح بما عرفت ـ من توقف حمل المطلق على الإطلاق ، فيما لم يكن هناك قرينة حالية أو مقالية على قرينة الحكمة المتوقفة على المقدمات المذكورة ـ أنه لا إطلاق له فيما كان له الانصراف إلى خصوص بعض الأفراد أو الأصناف ، لظهوره فيه ، أو كونه متيقنا منه ، ولو لم يكن ظاهرا فيه بخصوصه ، حسب اختلاف مراتب الانصراف ، كما أنه منها ما لا يوجب ذا ولا ذاك ، بل يكون بدويا زائلا بالتأمل ، كما أنه منها ما يوجب الاشتراك أو النقل.
لا يقال : كيف يكون ذلك وقد تقدم أن التقييد لا يوجب التجوز في المطلق أصلا. فإنه يقال : مضافا إلى أنه إنما قيل لعدم استلزامه له ، لا عدم إمكانه ، فإن استعمال المطلق في المقيد بمكان من الإمكان ، إن كثرة إرادة المقيد لدى إطلاق المطلق ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزية أنس ، كما في المجاز المشهور ، أو تعينا واختصاصا به ، كما في المنقول بالغلبة ، فافهم.
______________________________________________________
قرينة عليه أيضا.
والثالث : عدم مانع في البين من بيان القيد أو إقامة القرينة عليه.
فاذا تمت هذه الأمور يكون مدلول الخطاب بملاحظتها ، انّ الطبيعي بلا قيد ، موضوع للحكم أو متعلّق له ويصح نسبة ذلك إلى المتكلم ، وانّ ظاهر خطابه ثبوت حكمه للطبيعي بلا دخالة أمر آخر فيه وجودا وعدما ، أو أنّ الطبيعي أو الحصة متعلقة لحكمه وطلبه ، وأنّ حكمه مجعول على تقدير وجود الشيء الآخر وعدمه ومقتضى أصالة التطابق بين المراد الاستعمالي الجدّي هو أنّ الحكم الذي استفدنا من خطابه هو المراد الجدّي المعبّر عنه بمقام الثبوت ، وإذا ورد بعد ذلك خطاب على اعتبار قيد في الموضوع أو المتعلق أو حتى في ثبوت الحكم لا يكون الخطاب المفروض موجبا لانثلام الظهور الإطلاقي أيضا ، بل يكون كاشفا عن عدم تطابق المراد