العاصي له يلزم إناطة استحقاق العقوبة بما هو خارج عن الاختيار ، من مصادفة قطعه الخارجة عن تحت قدرته واختياره ، مع بطلانه وفساده ، إذ للخصم أن يقول بأن استحقاق العاصي دونه ، إنما هو لتحقق سبب الاستحقاق فيه ، وهو مخالفته عن عمد واختيار ، وعدم تحققه فيه لعدم مخالفته أصلا ، ولو بلا اختيار ، بل عدم صدور فعل منه في بعض أفراده بالاختيار ، كما في التجري بارتكاب ما قطع أنه من مصاديق الحرام ، كما إذا قطع مثلا بأن مائعا خمر ، مع أنه لم يكن بالخمر ، فيحتاج إلى إثبات أن المخالفة الاعتقادية سبب كالواقعية الاختيارية ، كما عرفت بما لا مزيد عليه.
ثم لا يذهب عليك : إنه ليس في المعصية الحقيقية إلّا منشأ واحد لاستحقاق العقوبة ، وهو هتك واحد ، فلا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين كما توهم ، مع ضرورة أن المعصية الواحدة لا توجب إلّا عقوبة واحدة ، كما لا وجه لتداخلهما على تقدير استحقاقهما ، كما لا يخفى.
ولا منشأ لتوهمه ، إلّا بداهة أنه ليس في معصية واحدة إلّا عقوبة واحدة ، مع الغفلة عن أن وحدة المسبب تكشف بنحو الإنّ عن وحدة السبب.
______________________________________________________
بذلك وإن كان غير صحيح على إطلاقه إلّا أنّه لا يوجب محذورا وخروجا عن مسلك العدلية ، وأمّا إذا كان المراد نفي التمكّن والالتزام بالاقتضاء على نحو العلية فهو ينافي مسلك العدلية نعم لا يندرج ذلك في مذهب الجبر بل يكون شبيها بالجبر بحسب النتيجة كما أوضحنا ذلك في بحث الطلب والإرادة.