ولا يخفى ما فيه ، فإن الواجب ولو كان معينا ، ليس إلّا لأجل أن في فعله مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن يكون في تركه مفسدة ، كما أن الحرام ليس إلّا لأجل المفسدة في فعله بلا مصلحة في تركه.
ولكن يرد عليه أن الأولوية مطلقا ممنوعة ، بل ربما يكون العكس أولى ، كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرمات مع ترك بعض الواجبات ، خصوصا مثل الصلاة وما يتلو تلوها.
ولو سلم فهو أجنبي عن المقام ، فإنه فيما إذا دار بين الواجب والحرام.
ولو سلم فإنما يجدي فيما لو حصل به القطع.
______________________________________________________
حكم العقل ، فيؤخذ به في الشرعيات أيضا.
وأورد على ذلك في القوانين بأنّ في ترك الواجب أيضا مفسدة فلا يحرز بتقديم جانب الحرمة أولوية دفع المفسدة فيها.
ولكن لا يخفى ما في هذا الإيراد فإنّه إن أريد بالمفسدة في ترك الواجب العقاب على تركه فمن الظاهر أنّ العقاب أثر تنجّز الوجوب المحرز بوجه معتبر ، ومع تعارض الخطابين في المجمع لا يحرز الوجوب ، كما لا يحرز خصوص الحرمة. وإن أريد الأثر المترتب والفساد الكامن في العمل فلا ينبغي التأمّل في أنّ ترك الفعل حتّى الواجب ليس فيه فساد ، بل الأثر يكون في حصول الشيء صلاحا أو فسادا.
نعم ، ربّما ينطبق على ترك الفعل عنوان حسن أو قبيح ، ولكنّه خلاف الفرض في المقام من تعلّق كلّ من الوجوب أو الحرمة بالفعل ، وعلى ذلك بنينا سابقا من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه العام ، وإنّ في ترك الواجب لا يكون فسادا ليحرم نفسيا ، بل يفوت بالترك الصلاح اللازم في الفعل.