ولو سلم أنه يجدي ولو لم يحصل ، فإنما يجري فيما لا يكون هناك مجال لأصالة البراءة أو الاشتغال ، كما في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة التعيينيين ، لا فيما تجري ، كما في محل الاجتماع ، لأصالة البراءة عن حرمته فيحكم بصحته ، ولو قيل بقاعدة الاشتغال في الشك في الأجزاء والشرائط فإنه لا مانع عقلا إلّا فعليّة الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلا ونقلا.
نعم لو قيل بأن المفسدة الواقعية الغالبة مؤثرة في المبغوضية ولو لم يكن الغلبة بمحرزة ، فأصالة البراءة غير جارية ، بل كانت أصالة الاشتغال بالواجب لو كان عبادة محكمة ، ولو قيل بأصالة البراءة في الأجزاء والشرائط ، لعدم تأتّي قصد القربة مع الشك في المبغوضية ، فتأمل.
______________________________________________________
والصحيح في ردّ الأولوية أنّه لم يظهر أولوية لرعاية دفع المفسدة من جلب المصلحة مطلقا ، والشاهد لذلك ما نراه من إقدام العقلاء على أمور يترتّب عليها الفساد لجلب المصالح التي تكون أهمّ فيسافرون في الحرّ والبرد ويتحمّلون المشاق والمتاعب لجلب الأرباح ، وكذا الحال في الشرع في موارد تزاحم الواجب والحرام كتزاحم وجوب حفظ النفس وحرمة الغصب والتصرّف في مال الغير.
ولو سلّم تماميّة قاعدة أولوية دفع المفسدة من جلب المنفعة فمفادها أنّ الفاعل في كلّ مورد دار أمره بين جلب المنفعة إلى نفسه أو دفع المفسدة عنه يختار دفع المفسدة عن نفسه ، والمقام لا يدخل في صغرى تلك القاعدة ، لأنّ الكلام في المقام في دوران أمر الفعل بين الواجب والحرام والواجب لا يلازم الصلاح للفاعل كما أنّ الحرام لا يلازم المفسدة له بل الشارع في مقام جعل الأحكام يلاحظ صلاح الفعل وفساده نوعا وإن لم يكن شيء منهما راجعا إلى شخص الفاعل ، وإلى ذلك أشار الماتن قدسسره بقوله : «ولو سلّم فهو أجنبي عن المقام» فإنّ الكلام في المقام فيما دار