.................................................................................................
______________________________________________________
نعم لو قيل بأنّ المفسدة الغالبة على صلاح الفعل ـ على تقديرها ـ توجب مبغوضية الفعل وعدم كونه صالحا للتقرّب به ، لتعيّن في المقام على المكلّف الاحتياط والإتيان بغير المجمع ليحرز صحة صلاته وعبادته حتّى بناء على البراءة في دوران أمر الواجب بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، إذ مع احتمال المبغوضية الواقعية للمجمع لغلبة مفسدته لا يمكن للمكلّف التقرّب به ، وأصالة البراءة عن الحرمة الواقعية للمجمع بمعنى عدم كون المكلف مأخوذا بتلك الحرمة على تقديرها ، لا تنفى المبغوضية الواقعية على تقديرها.
أقول : الحرمة الواقعية للمجمع ـ على تقديرها ـ هي التي توجب تضييق دائرة متعلّق الوجوب لأنّ تقييده بغيره لازم ثبوت الحرمة للمجمع واقعا على ما تقدّم من عدم إمكان إطلاق متعلّق الوجوب مع تعلّق الحرمة بالمجمع سواء كانت تلك الحرمة منجّزة أم لا.
إلّا أنّ أصالة البراءة عن حرمة المجمع لا يثبت إطلاق متعلّق الوجوب ، فاللازم في اثبات إطلاقه وعدم تقييد الطبيعي إجراء البراءة عن وجوب الطبيعي المقيّد بغير ذلك المجمع ، ولا يعارض بأصالة البراءة عن وجوب الطبيعي بنحو اللابشرط ، كما هو المقرّر في بحث دوران أمر الواجب بين المطلق والمشروط ولو كان مجرّد احتمال المفسدة الغالبة موجبا لأصالة الاشتغال لجرى ذلك في الشبهة الموضوعية أيضا ، ولم يجز الصلاة في مكان يحتمل كونه ملك الغير وهو غير راض بالتصرّف فيه مع أنّه تجري أصالة البراءة عن تقييد الصلاة بغير ذلك المكان ؛ لأنّ الشك في الشبهة الحكمية والموضوعية من صغريات الشك في مانعية المكان.