الغيري إذا كان أصليا ، وأما إذا كان تبعيا ، فهو وإن كان خارجا عن محل البحث ، لما عرفت أنه في دلالة النهي والتبعي منه من مقولة المعنى ، إلّا أنه داخل فيما هو ملاكه ، فإن دلالته على الفساد على القول به فيما لم يكن للإرشاد إليه ، إنما يكون لدلالته على الحرمة ، من غير دخل لاستحقاق العقوبة على مخالفته في ذلك ، كما توهمه القمي قدسسره ويؤيد ذلك أنه جعل ثمرة النزاع في أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ، فساده إذا كان عبادة ، فتدبر جيدا.
______________________________________________________
النهي التنزيهي عن معاملة فسادها حتّى بناء على اقتضاء النهي التحريمي عن معاملة فسادها ، ولكن اختصاص ملاك عموم النهي بالعبادة لا يوجب أن يراد بالنهي في عنوان النزاع النهي التحريمي. غاية الأمر يمنع في المعاملات اقتضاء مطلق النهي عنها فسادها ويلتزم بما إذا كان تحريميا أو يمنع اقتضاء النهي عنها فسادها حتّى إذا كان النهي تحريميا.
وأمّا النهي الغيري فيعمّه النهي في عنوان الخلاف إذا كان أصليّا بأن كان له خطاب مستقل ولو كان الخطاب بالأمر بتركه ، حيث لا موجب لتخصيص النهي في عنوان الخلاف بما إذا كان النهي نفسيا فإنّ استحقاق العقاب على المخالفة والارتكاب لا دخل له في اقتضاء النهي عن عبادة فسادها كما زعمه المحقّق القمي قدسسره (١). كيف؟ وقد جعلوا ثمرة الخلاف في بحث اقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه الخاص ، بطلان الضدّ الذي من قبيل العبادة مع أنّ النهي عنه بناء على الاقتضاء غيري.
نعم ، إذا كان النهي الغيري تبعيّا فلا يدخل في عنوان الخلاف حيث إنّ النهي
__________________
(١) قوانين الأصول ١ / ١٠٢ في المقدّمة السادسة.