أمثاله ، نحو صوم العيدين والصلاة في أيام العادة ، لا ما أمر به لأجل التعبد به ، ولا ما يتوقف صحته على النية ، ولا ما لا يعلم انحصار المصلحة فيها في شيء ، كما عرّف بكل منها العبادة ، ضرورة أنها بواحد منها ، لا يكاد يمكن أن يتعلق بها النهي ، مع ما أورد عليها بالانتقاض طردا أو عكسا ، أو بغيره ، كما يظهر من مراجعة المطولات ، وإن كان الإشكال بذلك فيها في غير محله ، لأجل كون مثلها من التعريفات ، ليس بحد ولا برسم ، بل من قبيل شرح الإسم كما نبهنا عليه غير مرة ، فلا وجه لإطالة الكلام بالنقض والإبرام في تعريف العبادة ، ولا في تعريف غيرها كما هو العادة.
______________________________________________________
أقول : في تمثيل ذلك بالصلاة ما لا يخفى ، فإنّها ذكر وقراءة ودعاء وركوع وسجود لله وكلّها بأنفسها عبادة. ثمّ تعرّض قدسسره لتعاريف العبادة.
فنقل عن بعضهم أنّ العبادة ما أمر به لأجل التعبّد به (١).
وعن بعض آخر العبادة ما يتوقّف صحته على النيّة (٢).
وعن ثالث العبادة ما لا يعلم انحصار المصلحة فيها في شيء (٣).
إلّا أنّ العبادة بواحد من المعاني الثلاثة غير قابل لفرض تعلّق النهي بها ، فإنّ الأمر لا يتعلّق بما هو متعلّق النهي وما هو متعلّق الأمر فعلا لا يتعلّق به النهي ، ومقتضى التعريف الأول أن يكون الفعل المتعلّق به الأمر متعلّقا للنهي ولا يمكن فرض الصحّة فيما تعلّق به النهي حيث لا يتعلّق النهي بما فيه صلاح يوجب صحته مع قصد التقرّب به سواء علم انحصار صلاحه أو لم يعلم انحصار صلاحه في شيء ، مع أنّه يرد على التعاريف المذكورة الانتقاض طردا وعكسا فإنّ ربّ واجب توصلي
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٥٨.
(٢) قوانين الأصول : ١ / ١٥٤.
(٣) قوانين الأصول : ١ / ١٥٤.