قلت : هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلص مأمورا به ، وهو موافق لما أفاده شيخنا العلامة (أعلى الله مقامه) ، على ما في تقريرات بعض الأجلّة ، لكنه لا يخفى أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترك الواجب ، إنما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل ، وإن كان قبيحا ذاتا إذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه ، ولم يقع بسوء اختياره ، إما في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام ، وإما في الإقدام على ما هو قبيح وحرام ، لو لا أن به التخلص بلا كلام كما هو المفروض في المقام ، ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
وبالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا ، كما يتمكن منه دخولا ، غاية الأمر يتمكن منه بلا واسطة ، ومنه بالواسطة ، ومجرد عدم التمكن منه إلّا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا ، كما هو الحال في البقاء ، فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات ، فكذلك الخروج ، مع أنه مثله في الفرعية على الدخول ، فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قبله وبعده ، كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته ، وإن كان العقل يحكم بلزومه إرشادا إلى اختيار أقل المحذورين وأخف القبيحين.
______________________________________________________
الأنصاري قدسسره بوجوبه من غير جريان حكم المعصية عليه ، واختاره المحقق النائيني قدسسره ، أو أنّه غير مأمور به شرعا بل منهي عنه بالنهي السابق الساقط فيقع عصيانا ولكن العقل يرشد إلى اختياره من باب ارشاده إلى ارتكاب أقل المحذورين كما عليه الماتن قدسسره.
فالصحيح هو قول الماتن قدسسره بتقريب : أنّ الحركة في الدار المغصوبة ولو للتخلّص عن الغصب داخل في التصرف في مال الغير بلا رضاه وكان المكلّف متمكّنا عن تركه ولو بتركه الدخول فيها ولذلك كان منهيا عنه كالتصرف بالدخول فيها ، وكما أنّ الدخول كان عصيانا للنهي عن التصرف فيها كذلك الخروج عنها بعد