كافة الإنس والجان ، وأنزل عليه القرآن ( هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ) (١) .
فباليقين رسول اللّه صلىاللهعليهوآله والقرآن واسطتان ثابتتان ، وحجّتان قائمتان ، ومعلّمان مبلّغان من طرف اللّه عزوجل وبأمره واختياره ، بالبيان والعلم والبُرهان ، فيجب الرجوع إليهما مطلقاً ، وترك مخالفتهما رأساً ، وعدم الاعتماد على ما لم يكن منهما أصلاً ، ما لم يثبت كونه ممّا هو حجّة ثابتة من اللّه أيضاً .
وحيث لا شكّ في عجز الناس عن فهم جميع القرآن ، وأنّ اللّه الحكيم ـ المصرّح بإتمام النعمة والحجة ـ لم يكن لينزل شيئاً لم يُفهّمه لأحد ، ومن الواضحات أيضاً : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان ترجمان القرآن ، وقيّمه ، وعالمه ، وحافظه ، ومبيّن تفسيره وتأويله ؛ إذ قد أنزله اللّه له وإليه ، فهو المُختصّ بفهم كلّ ما فيه ، وأمّا (٢) فهم غيره لا يدانيه ، وما لا يمكن استنباط المراد منه إلاّ بتعليم من اللّه ، فالبيقين كان هو المعلّم حقيقة من اللّه تعالى قطعاً ، وحجّةً على الاُمّة قاطبة ؛ ولهذا كان عالماً بكلّ ما تحتاج إليه الاُمّة ؛ بحيث لا يجهل شيئاً ، وكان بنصّ من اللّه مطاعاً ، آمراً ، ناهياً ، مفروض الطاعة على الكافّة ، لم يكن يجوز مخالفته ، ولم يسغ معارضته ، ولا الاعتماد على ما لم يكن منه ، بل كان يجب على الجميع الرجوع إليه ، والتسليم له ، ومتابعة أمره في كلّ مقال ، وعلى جميع الأحوال ، ولم يجز لأحد إلاّ الأخذ منه ، ولو بالواسطة المعلومة حقيقتها ، دون غير ذلك ؛ لما هو ثابت من كثرة الكذّابة عليه .
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٨٥ .
(٢) في «س» و«ن» و«ش» : ما .