من الصحابة ومن غيرهم ، وأنّ الشيعة لأجل هذا يبترّؤُون من هؤلاء الجماعة ، ويبغضونهم ، ويلعنونهم ، ويجعلون حبّهم مقصوراً على من لم يكن كذلك ولم يحبّ اُولئك ، فعلى هذا لا يرد عليهم اعتراض في ذلك ، بل الاعتراض على من ادّعى حبّ الجميع ؛ لاستلزامه حبّ من لم يحبّ اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ولم يحبّه اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، كما تبيّن آنفاً ، وهو في حكم الجمع بين النقيضين ، بل هو عين عداوة اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، كما اتّضح ممّا مرّ .
ومنه يظهر أيضاً أنّ ما نسبه المخالفون (١) إلى الشيعة من عداوة الصحابة على الإطلاق محض فرية باطلة ، وتهمة صريحة ، كيف ! وفي الصحابة عندهم من عُدّ في زمرة أهل البيت عليهمالسلام كسلمان ونظرائه .
وكذا ما تمسّك به أيضاً المخالفون من منع اللعن مطلقاً (٢) ولو تعلّق بمستحقّه محض مجادلة بالباطل ليدحضوا به الحقّ ؛ إذ لم يقل عاقل بجواز لعن من كان خيّراً ، بل ولا مشتبه الحال ، بناءً على أنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ، ولكن لا يلزم من هذا عدم جواز لعن الأشرار ، لاسيّما الذين ثبت أنّهم من أهل النار بظلمهم وبغضهم أهل البيت الأطهار ، كيف لا والقرآن مشحون بلعن الظالمين وأمثالهم ، والأخبار واردة بل متواترة في لعن النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام وغيرهما بعضَ الأشرار ؟
قال اللّه تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (٣) .
وقال : ( أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (٤) .
__________________
(١) في «م» : القوم .
(٢) انظر : إحياء علوم الدين ٣ : ١٢٣ ـ ١٢٥ .
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧ .
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٥٩ .