غاشٍ (١) ركّاب عَشَوات ، لم يعضّ على العلم بضرس قاطع ، لا يحسب العلم في شيء ممّا أنكره ، ولا يرى أنّ وراء ما بلغ منه مذهباً لغيره ، وإن قاس شيئاً بشيء لم يكذّب رأيه ؛ كيلا يقال : لا يعلم» الخبر ، إلى أن قال عليهالسلام : «إلى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالاً ويموتون ضلاّلاً» (٢) .
وقال عليهالسلام أيضاً : «ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ، ثمّ تجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم ، فيصوّب آراءهم جميعاً ، وإلههم واحد ! ونبيّهم واحد ! وكتابهم واحد ! أفأمرهم اللّه سُبحانه بالاختلاف فأطاعوه ! أم نهاهم عنه فعصوه ! أم أنزل اللّه سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه ! أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ! أم أنزل اللّه سبحانه ديناً تامّاً فَقَصَّر الرسول صلىاللهعليهوآله عن تبليغه وأدائه ! واللّه سُبحانه يقول : ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) (٣) وفيه تبيان لكلّ شيء ، وذكر ( عزوجل ) أنّ الكتاب يُصدّق بعضه بعضاً ، وأنّه لا اختلاف فيه ، فقال سُبحانه : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) (٤) . فإنّ القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولا تنكشف الظلمات إلاّ به» (٥) .
ثمّ قال عليهالسلام : «وقد قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : رحم اللّه امرأً علم حقّاً فقال
__________________
(١) كذا في النسخ ، وفي نسخة «ش» وفي نهج البلاغة : عاش .
(٢) نهج البلاغة : ٥٩ الخطبة ١٧ ، الكافي ١ : ٤٤ / ٦ (باب البدع والرأي والمقاييس) بتفاوت ، نثر الدر لأبي سعد الآبي ١ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، الاحتجاج ١ : ٦٢١ / ١٤٣ بتفاوت .
(٣) سورة الأنعام ٦ : ٣٨ .
(٤) سورة النساء ٤ : ٨٢ .
(٥) نهج البلاغة : ٦٠ الخطبة ١٨ ، الاحتجاج ١ : ٦٢٠ / ١٤٢ .