وقريب منه كلام المعتبر والمنتهى (١) ، وكلامهما كالصريح في أنّ البناء على اليقين إنّما يحصل بالبناء على الأكثر ، لا الأقلّ.
ومن هنا يظهر فساد نسبة القول بالبناء على الأقلّ إلى السيد في الناصريّات ، لأنّ ما أوجب هذه النسبة إليه قوله فيها ـ في ذيل قول جدّه الناصر : ومن شكّ في الأوليين استأنف ، ومن شكّ في الأخيرتين بنى على اليقين ـ : هذا مذهبنا ، وهو الصحيح عندنا ، وباقي الفقهاء مخالفون في ذلك (٢). انتهى.
وفي قوله هذا أيضا دلالة على ما ذكرنا ، لأنّ مذهب المخالفين البناء على الأقلّ وسجدة السهو ، وكتبهم بذلك مشحونة ، ودلائلهم عليه مشهورة.
قال البغوي في شرح السنة بعد ذكر رواية مصرّحة بالبناء على الأقلّ مطلقا في الشك في الركعات عن صحيح مسلم : هذا الحديث يشتمل على أحكام ، أحدها : أنّه إذا شك في صلاته فلم يدر الركعة يأخذ بالأقلّ. والثاني : أنّ محل سجدتي السهو قبل التسليم. أمّا الأوّل فأكثر العلماء على أنّه يبني على الأقلّ ، إلى آخره (٣).
هذا مع احتمال البناء على اليقين والنقص معنى آخر ، ذكره الحلّي في توجيه كلام السيد ، زعما منه كون البناء في كلامه البناء على الأقلّ ، وهو : البناء عليه بعد التسليم والخروج عن الصلاة ، قال : فقبل سلامه يبني على الأكثر ، لأجل التسليم ، وبعده يبني على الأقلّ ، كأنّه ما صلّى إلاّ ما تيقنه ، وما شك فيه يأتي به ، ليقطع على براءة ذمته (٤).
وبالجملة فهذه الأخبار موافقة لما مرّ ، ولو قطع النظر عنها فمعارضتها له غير معلومة ، ولو سلّم التعارض فالمكافأة مفقودة.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٣٩١ ، المنتهى ١ : ٤١٥.
(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠١.
(٣) حكاه المجلسي (ره) في البحار ٨٥ : ١٨٣.
(٤) السرائر ١ : ٢٥٥.