فالأخذ بالنقصان واليقين كما يمكن أن يكون بالبناء على الأقلّ ، يمكن أن يكون بالبناء على الأكثر وصلاة الاحتياط ، فإنّه أيضا بناء على النقصان والجزم واليقين ، وإلاّ لم يحتط بالصلاة.
بل الظاهر من الأخبار إرادة هذا المعنى ، كما يدلّ عليه قوله في آخر رواية البجلي وعلي : « وتحتاط بالصلوات كلّها ».
والمروي في قرب الإسناد : رجل صلّى ركعتين وشكّ في الثالثة ، قال : « يبني على اليقين ، فإذا فرغ تشهّد ، وقام قائما يصلّي ركعة بفاتحة الكتاب » (١).
والمراد بالبناء على اليقين هنا الأكثر قطعا ، لمكان أمره بصلاة الاحتياط. ولا يمكن حملها على بقية الصلاة ، والحمل على الأقلّ ، لأنّ الباقي حينئذ ركعتان ، وليس فيهما فاتحة الكتاب ، ولم يكن معنى لقوله : « فإذا فرغ تشهد ».
وصحيحة زرارة المتقدّمة (٢) بالتقريب الذي ذكرناه (٣).
بل لنا أن نقول : ينحصر البناء على اليقين بالبناء على الأكثر ، لأنّ المراد اليقين بعدم وقوع خلل في الصلاة ، فلو بنى على الأقلّ احتملت الزيادة المبطلة إجماعا بلا تدارك ، بخلاف ما لو بنى على الأكثر مع صلاة الاحتياط.
وإلى ذلك أشار السيد في الانتصار ، قال في توجيه المذهب المشهور بعد دعوى الإجماع عليه : ولأنّ الاحتياط أيضا فيه ، لأنه إذا بنى على النقصان لم يأمن أن يكون قد صلّى على الحقيقة الأزيد ، فيكون ما أتى به زيادة في صلاته ـ ثمَّ قال ـ : فإذا قيل : إذا بنى على الأكثر كان كما تقولون لا يأمن أن يكون إنّما فعل الأقلّ ، فلا ينفع ما فعله من الجبران ، لأنّه منفصل من الصلاة ، وبعد التسليم. قلنا : ما ذهبنا إليه أحوط على كلّ حال ، لأنّ الإشفاق من الزيادة في الصلاة لا يجري مجرى الإشفاق من تقديم السلام في غير موضعه (٤).
__________________
(١) قرب الإسناد : ٣٠ ـ ٩٩ ، الوسائل ٨ : ٢١٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٩ ح ٢.
(٢) في ص ١٣٩.
(٣) في ص ١٤١.
(٤) الانتصار : ٤٩.