وفيه بعد ظاهر.
وعن البواقي : بمعارضتها مع ما مرّ ، وترجيحه بوجوه عديدة كالأشهرية رواية وفتوى ، والأصرحية دلالة ، والأبعدية عن طريقة العامّة التي هي من المرجّحات المنصوصة ، فإنّهم يبنون على الأقلّ ، كما يظهر من الانتصار والمعتبر وروض الجنان والبحار والوسائل (١) ، بل من كتب أنفسهم كصحيح مسلم وشرح السنة وغيرهما (٢).
مضافا إلى أنّ الظاهر أنّ المراد بالركعتين والركعة في صحيحة زرارة صلاة الاحتياط بقرينة قوله : « وهو قائم » فإنّه لو كان المراد تتمة الصلاة لم يحتج إلى هذا القيد ، وكذا قوله : « بفاتحة الكتاب ».
وأمّا التعليل بقوله : « ولا ينقض اليقين » فلا يدلّ على ما راموه ، لجواز أن يكون المراد اليقين بالصحة ، ويكون المعنى : ولا ينقض اليقين بصحة الصلاة بواسطة الشك. أو المراد اليقين بعدم فعل الطرف الزائد ، ويكون التعليل لإضافة صلاة الاحتياط ، فإنّه لو كان ينقض اليقين بالشكّ في الزائد ، لكان يبني عليه من غير تدارك. وأمّا مع التدارك فهو عين عدم الالتفات إلى الشك.
ومنه يظهر جواب آخر عن البواقي وهو : أنّ المراد بالبناء على اليقين يمكن أن يكون البناء على الصحة ، فلا ينافي ما مرّ. وأن يكون البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط ، فإنّه لو كان بانيا على الشكّ لبني على الأكثر من غير احتياط ، وأمّا مع الاحتياط فليس بناء عليه ، بل بناء على اليقين قطعا ، كما صرّح به في الأخبار تعليلا لصلاة الاحتياط من أنّه لو كانت الصلاة ناقصة لأتمّت (٣) ، فليس ذلك إلاّ عدم الالتفات بالشك والأخذ باليقين.
__________________
(١) الانتصار : ٤٩ ، المعتبر ٢ : ٣٩١ ، ولم نعثر عليه في روض الجنان ، البحار ٨٥ : ١٨٣ ، الوسائل ٨ : ٢١٣ أبواب الخلل ب ٨ ذيل الحديث ٦.
(٢) انظر : صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ ، وسنن البيهقي ٢ : ٣٣٩ ، وسنن الترمذي ١ : ٢٤٧ ، وعمدة القارئ ٧ : ٣١٣ ، وبدائع الصنائع ١ : ١٦٥.
(٣) انظر : الوسائل ٨ : ٢١٢ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨.