هذا ، مع أنّ الحجية ليست منحصرة بما يتضمن لفظ السهو ، بل عموم التعليل أيضا ـ كما عرفت ـ يدلّ على المطلوب.
والقول بأنّ حمله على السهو يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور ، للإجماع على وجوب الإتيان بما بقي محلّه من المتروك ، والبطلان إذا كان المتروك ركنا ، وقضاء ما يقضى بعد الصلاة من الأجزاء المنسية ، فتنحصر فائدة نفي السهو في سقوط سجدتي السهو ، وارتكاب مثل هذا التخصيص بعيد جدّا ، وأبعد بكثير من حمل السهو على خصوص الشك. مع أنّ مدلول الروايات المضيّ في الصلاة ، وهو لا ينافي وجوب سجود السهو ، إذ هو خارج عن الصلاة ، فلا تحصل للروايات على حملها على المعنى الحقيقي فائدة ، كما قاله في البحار (١).
غير جيد ، إذ ليس هناك تخصيص ، إذ المذكور في الأخبار « امض في صلاتك » فلو ثبتت الإجماعات المذكورة لا بدّ أن يجعل ذلك تجوّزا عن إرادة عدم الإتيان بسجود السهو ، فكان عليه أن يقول : إنّ ذلك المجاز ليس بأولى من إرادة الشك من السهو. إلاّ أنّ مبنى كلامه مردود بعدم ثبوت الإجماعات المذكورة ، ولا دليل آخر على هذه الأمور ، بل صرّح بعض مشايخنا بالمضيّ في الجميع (٢) ، فتكون الروايات بجميع ألفاظها باقية على حقائقها.
ولا يحتاج في تصحيح الاستدلال بالأخبار إلى ما قيل من أنّ وجوب تدارك المسهوّ عنه في الصلاة أو بعدها لا يوجب تخصيص معنى السهو ، إذ ليس هو السبب في وجوب الحكم بتداركه ، وإنّما هو عموم أدلّته ، وسببيّة السهو ليست إلاّ بالنسبة إلى سجود السهو ، فلا يجب مع الكثرة وليس فيه تخصيص. وبالجملة المراد من السهو المنفي موجبه ، وهو ليس إلاّ سجود السهو ، وإلاّ فالمسهوّ عنه ما وجب أداء وتداركا إلاّ لعموم أدلّة لزوم فعله ، وكذا فساد الصلاة بالسهو عن
__________________
(١) البحار ٨٥ : ٢٧٧.
(٢) الحدائق ٩ : ٢٩٥.