مردود : بمنع الاتفاق المذكور.
واستدلال بعضهم بها أيضا في المقام قد يكون لجمعه بين حكم السهو والشك معا فيحتجّ برواياتهما. وقد يكون لاستفادة حكم الشك أيضا بالتعليل المذكور كما تقدّم منا ، أو بضميمة الإجماع المركب ، إذ كلّ من يقول بسقوط حكم السهو يقول به في الشك أيضا.
ولو كان صريح بعضهم أيضا الاستدلال بها لحكم الشك بخصوص إرادته من السهو لا يثبت منه اتفاق ولا حجة.
ونسبته في الصحيحة الاولى إلى الشيطان لا ترجّح إرادة الشك منه حيث إنّه المنسوب إليه في كثير من الأخبار ، والسهو من لوازم طبيعة الإنسان ، لأنّ السهو أيضا منه ، قال الله سبحانه ( وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ ) (١). وقال ( وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ ) (٢).
وبالجملة لم يثبت اتفاق ، ولم يعلم من جهة أخرى إرادة الشك من السهو في هذه الروايات أصلا لا من حيث الخصوص ، ولا من حيث العموم. وبمجرّد احتمالها وقول بعض أو طائفة ، لا ترفع اليد عن الحقيقة اللغوية والعرفية المعلومتين.
مع أنّه على فرض ثبوت الاتفاق يمكن ترجيح إرادة الأعمّ بكونه أقرب المجازين. ولكنّه محل نظر.
ودعوى أنّ كثرة استعمال السهو في الشك بلغت حدّا لا يمكن حمله على أحدهما بدون القرينة كما في البحار (٣).
مدفوعة بالمنع ، كيف؟! وغاية ما روي استعماله فيه خمس أو عشر أو ما يقربهما ، ولا تثبت بذلك الكثرة الموجبة لرفع اليد عن الحقيقة.
__________________
(١) الأنعام : ٦٨.
(٢) الكهف : ٦٣.
(٣) البحار ٨٥ : ٢٨١.