لانتفاء التبادر المثبت للمفهوم ، مع أنّ الصحيحة مختصّة بالالتفات بالوجه كما يأتي.
وأمّا مفهوم الحسنة والمرسلة ، فلا ينافي ما مرّ ، لأنّ الالتفات إلى أحد الجانبين فاحش جدا وموجب لرؤية الخلف قطعا.
وإن لم يبلغ حدّ أحد الجانبين (١) فمع الاشتغال بشيء من أجزاء الصلاة قطع صلاته إجماعا ، له ، ولأدلّة اشتراط الاستقبال في أجزائها.
بل لولاه للغى شرط الاستقبال في الصلاة ، إذ لا فرق في الأجزاء بين قليلها وكثيرها إجماعا.
وإن لم يشتغل به فالظاهر عدم البطلان ، لتعارض مفهوم المرسلة مع بعض المبطلات بالخصوص المطلق ، فيخصّصه ، ومع بعض آخر بالعموم من وجه ، وحيث لا مرجّح يرجع إلى الأصل وهو مع الصحّة.
نعم لو التفت إلى قريب من أحد جانبيه بحيث يعدّ فاحشا عرفا ، ويكون موجبا لرؤية الخلف ـ حيث إنّ الخلف لا يختصّ بنقطة مقابل القبلة ويمكن رؤية الخلف قبل البلوغ حدّ أحد الجانبين أيضا ـ يمكن القول أيضا بكونه مبطلا.
ولا يلزم منه الإبطال في غير هذه الصورة بالإجماع المركّب ، لأنّه غير ثابت.
نعم لو ثبت لكان مفيدا. ولا يعارضه حينئذ ضمّ الإجماع المركّب مع ما دون ذلك والحكم بالصحّة ، لأنّ هذا الحكم يكون حينئذ بالأصل ، فلا يعارض ما ثبت من جهة الدليل.
وعلى الثاني (٢) ، فإن كان إلى الخلف ـ وهو أمر جائز على ما ذكرنا من تعميم الخلف ، سيّما مع أنّ الالتفات بالوجه إلى خصوص شيء يحصل بميله إليه وإن لم ينقلب كلّه إليه ـ فيبطل أيضا ، وفاقا لظاهر النهاية والجمل والخلاف والسرائر
__________________
(١) أي : إذا كان الالتفات بجميع البدن ولم يبلغ أحد الجانبين.
(٢) وهو : إذا كان الالتفات بالوجه خاصّة.