وعن الثالث : بأنّ أكثر أخباره بين متضمّن للجملة الخبرية الغير الدالّة على الوجوب صريحا ، أو للفظ الصلاة الشاملة للنوافل ، فلا يكون تخصيصها بالواجبة أولى من حمل الأمر فيها على مطلق الرجحان أو الجواز الذي هو أيضا من مجازات الأمر ، أو للأمرين معا ، مع أنّ منها ما هو عامي لا يصلح للحجية.
وما خلا عن أحد هذه الوجوه ـ وليس هو إلاّ رواية زرارة وصحيحته الأخيرتين ـ ففي دلالته على الفورية نظر. بل يدلّ على وجوب القضاء حين يذكرها أو أيّ ساعة ذكرها سواء كان أول حال الذكر أو بعدها ، فإنّه يصدق على الكلّ أنّه حين يذكرها وساعة كذلك.
مضافا إلى أنّ الاولى منهما منساقة لبيان كيفية القضاء من القصر والإتمام ، فالمعنى أنّه يجب القضاء على نحو نسيها حين التذكر.
وإلى أنّ الأمر في الأخيرة بل في الجميع وارد مورد توهّم الحظر أو الكراهة ، حيث نهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة ، وكان ذلك شائعا معروفا ، وهذه الأوامر لدفع هذا التوهم كما يشعر به قوله « في أيّ ساعة » وقوله « ولو بعد العصر » بل ذكر بعض هذه الأوقات ، وفي مثل ذلك الأمر ألف كلام.
ولو قطع النظر عن جميع ذلك فتعارض تلك الأخبار ما مرّ من أخبار المواسعة ، وأخبارا كثيرة أخر واردة في موارد غير عديدة من مجوّزات النوافل وقضائها في أيّ وقت ، ومرغّبات الصلاة في أول الوقت ومجوّزاتها تخييرا ، ومجوّزات سائر الأفعال ، فيرجع إلى الأصل أو التخيير. مع أنّ أخبار المواسعة تصلح قرينة لحمل هذه على الندب أو الجواز ، فيجب الحمل عليه.
وترجيح أخبار التضيّق بموافقة الكتاب ومخالفة العامة ممنوع.
لمنع التوافق للأوّل كما عرفت ، بل أخبار المواسعة أوفق لمثل قوله ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) (١) كما يأتي.
ومنع التخالف للثاني. مع أنّ المرجّح هو المخالف لروايات العامّة ، وبعض
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.