فإن قلت : اشتغلت الذمة بشيء معين ، والحاصل أمر غير معين.
قلنا : لا معنى لحصول غير المعيّن ، إذ الشيء ما لم يتعيّن لم يوجد. نعم لا يتعيّن في القصد ، ولم يثبت اشتغال الذمة بالمعيّن في القصد هنا ، والتعيّن الذي كان واجبا في الفائت ـ من الأدائية والظهرية مثلا ـ غير ممكن التحقق فيما نحن فيه ، فلا يكون مكلفا به قطعا.
ومنه يظهر عدم اندفاع الأصل بعموم المماثلة الواردة في بعض الأخبار (١) لو سلّم العموم.
فإن قلت : إن كان الفائت الظهر مثلا فقد اشتغلت الذمة بقضاء الظهر ، والحاصل ليس ذلك.
قلت : إن أردت اشتغال الذمة بقضاء صلاة بنية كونها ظهرا فهو باطل قطعا ، وإن أردت اشتغالها بقضاء صلاة بقصد كونها قضاء ظهر فلا نسلّم الاشتغال به ، بل المسلّم اشتغالها بقضاء أربع ركعات للأربع الفائتة.
والقول بأنّ العبادات توقيفية ، ولم يثبت من الشارع الاكتفاء بواحدة.
مردود بأنّه لم يثبت من الشارع أزيد من وجوب ركعات.
وأضعف منه تأيّد التعدد في الأربع بأصالة عدم التداخل كما في الحدائق (٢) ، فإنّ الاكتفاء بالواحدة لأجل عدم ثبوت الزائد ، لا لتداخل أكثر من الواحدة.
وتدلّ على المطلوب أيضا مرسلة ابن أسباط : « من نسي صلاة من صلاة يومه واحدة ولم يدر أيّ صلاة هي صلّى ركعتين وثلاثا وأربعا » (٣).
والمروي في محاسن البرقي : عن رجل نسي صلاة من الصلوات ما يدري أيها هي ، قال : « يصلّي ثلاثا وأربعا وركعتين ، فإن كانت الظهر أو العصر أو
__________________
(١) انظر : الوسائل ٨ : ٢٦٨ أبواب قضاء الصلوات ب ٦ ح ١ ، عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ ـ ١٤٣.
(٢) الحدائق ١١ : ١٩.
(٣) التهذيب ٢ : ١٩٧ ـ ٧٧٤ ، الوسائل ٨ : ٢٧٥ أبواب قضاء الصلاة ب ١١ ح ١.