فقال : « توخّ » (١).
ورواية ابن سنان : في رجل فاته من النوافل ما لا يحصى ، لا يدري ما هو من كثرته ، كيف يصنع؟ قال : « يصلّي حتى لا يدري كم صلّى من كثرته » (٢).
دلّتا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى على وجوب ذلك في الفرائض أيضا. بل يحتمل وجوب الأزيد منه من تحصيل العلم بالبراءة ، ولكنّه نفي بعدم إمكان تحصيل العلم ، واستلزامه العسر والحرج عادة ، فبقيت المساواة.
ولاستصحاب شغل الذمّة ، فلا تحصل البراءة إلاّ مع العلم بها الموجب للإتيان بأكثر ما يحتمل فواته. إلاّ أنه لما مرّ من عدم إمكان تحصيل العلم يكتفي بالظنّ ، لوجوب الرجوع إلى الظنّ بعد سدّ باب العلم ، ولنحو قوله عليهالسلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٣).
ويرد على الروايتين ـ بعد تسليم الأولوية ـ : أنّ الحكم فيهما على الاستحباب قطعا ، فغايته استحباب التوخّي ولا كلام فيه.
وعلى الاستصحاب : بأنّ ما علم الشغل به يقينا ـ وهو ما تيقّن بفواته أي الأقلّ ـ تحصل البراءة عنه بالأقلّ ، فلا معنى لاستصحاب الاشتغال به ، والزائد لم يعلم به شغل أولا حتى يصحّ استصحابه. واستصحاب نفس اشتغال الذمة مطلقا لا معنى له ، لأنّ الاشتغال لا بدّ له من متعلّق.
وأما ما ذكره بعض مشايخنا المحقّقين في توجيه الاستصحاب بأنّ المكلّف حينما علم الفوات صار مكلّفا بقضاء هذه الفائتة قطعا وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا. ومجرّد عروض النسيان بعد ذلك لا يرفع الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب ، ولا تأمّل في التكليف بالقضاء قبل النسيان (٤).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥١ الصلاة ب ٩٠ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ١٩٩ ـ ٧٧٩ ، علل الشرائع ٣٦٢ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٧٨ أبواب أعداد الفرائض ب ١٩ ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٤٥٣ الصلاة ب ٩٠ ح ١٣ ، الفقيه ١ : ٣٥٩ ـ ١٥٧٧ ، التهذيب ٢ : ١١ ـ ٢٥ ، الوسائل ٤ : ٧٥ أبواب أعداد الفرائض ب ١٨ ح ٢.
(٣) عوالي اللئالي ٤ : ٥٨ ـ ٢٠٧.
(٤) شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني ( المخطوط ).