« وكلّ من آجر نفسه أو آجر ما يملك أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة على ما فسرناه مما تجوز الإجارة فيه فحلال فعله وكسبه » (١).
فإنّه دلّ على أنّ كلّ ما تجوز إجارته حلال مطلق عمله ، وأنّ الإنسان مما تجوز إجارته.
وتدلّ عليه أيضا عمومات وجوب الوفاء بالشرط ، ولازمه وجوب الاستيجار أو الإجارة لو شرطه ، بل نفس الإجارة أيضا شرط.
خلافا لنادر من متأخري المتأخرين كصاحبي الذخيرة والوافي (٢).
ومنشأ شبهة الأول زعمه انحصار مستند هذه الإجارة في الإجماع وعدم ثبوته عنده في المقام.
وهو لا يضرّ من ادّعى ثبوته عند نفسه. مع أنّه يلزمه ما مرّ من توقّفه في صحّة الإجارة على غير شاذّ من الأعمال ، لانتفاء النصّ المخصوص ، وعدم موجب لثبوت الإجماع في غير الصلاة دونها.
وسبب منع الثاني ما مرّ أيضا مضافا إلى منافاة الاستيجار لنية الأجير القربة المقصودة في العبادة ، قال : وأمّا جواز الاستيجار للحجّ فلأنّه إنّما يجب بعد الاستيجار ، وفيه تغليب لجهة المالية ، فإنّه إنّما يأخذ المال ليصرفه في الطريق ليتمكّن من الحجّ. انتهى.
ويردّ : بمنع منافاة الاستيجار لنية القربة ، لإمكان الإخلاص بعد إيقاع عقد الإجارة ، فإنّ العمل يصير بعده واجبا ، ويصير من قبيل ما لو وجب بنذر وشبهه ، فيمكن تحقّق الإخلاص في العمل وإن صارت الأجرة سببا لتوجّه الأمر الإيجابي إليه.
قيل : المتصوّر من نيّة التقرب من جهة الإجارة إنّما هي من جهتها لا من جهة أنّها عبادة مخصوصة ، ولا ريب أنّ المعتبر في الصلاة ونحوها نية التقرب بها
__________________
(١) تحف العقول : ٢٤٨ ، الوسائل ١٧ : ٨٣ أبواب ما يكتسب به ب ٢ ح ١.
(٢) الذخيرة : ٣٨٧ ، صاحب الوافي في المفاتيح ٣ : ١٢.