والراحلة على الإطلاق ، ورجّحها على تلك الأخبار بموافقة عمل الأصحاب ، والإجماعات المحكية ، والأصل ، والشهرة العظيمة ، وظاهر الآية من جهة عدم انصراف إطلاق الأمر فيها إلاّ إلى المستطيع ببدنه ، فاعتبار الاستطاعة بعده ليس إلاّ لأمر آخر وليس إلاّ الزاد والراحلة بإجماع الأمّة.
وبمخالفة قول مالك من العامّة ، حيث نقل في المنتهى عنه عدم اعتباره الزاد والراحلة (١).
وبشذوذ تلك الأخبار الأخيرة.
أقول : أمّا الأخبار المذكورة فلا شكّ أنّ دلالتها بالإطلاق المنصرف إلى الغالب ، وهو احتياج البعيد إلى الراحلة ولو لدفع مطلق المشقّة أو حفظ شرف النفس ونحوهما ، ولو سلّم عدم الانصراف والبقاء على الإطلاق يعارض الأخبار الأخيرة ، إمّا بالعموم والخصوص من وجه ، أو مطلقا.
ولا نسلّم رجحان الأولى بما ذكر ، أمّا عمل الأصحاب فلانصراف إطلاق كلماتهم أيضا إلى الغالب ، مع تصريح جمع كثير منهم بالحاجة (٢) ، ولذا لم يشترطوها للقريب وراكب السفينة.
ومنه يظهر حال الإجماعات المحكيّة ، مع أنّ كثيرا منها وارد في شأن غير المحتاج ، وكذا حال الشهرة ، مع أنّ الترجيح بهذه الأمور ممّا لم يثبت اعتباره.
وأمّا شذوذ الأخيرة ، فإن أريد بالنسبة إلى الإطلاق والوجوب على الماشي ـ ولو بالمشقّة ـ فلا ننكره ولا نقول به ، بل يخالف ذلك ظاهر آيات الاستطاعة ونفي العسر.
__________________
(١) الرياض ١ : ٣٣٧ ، وفي المنتهى ٢ : ٦٥٢.
(٢) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٧٥٢ ، والعلاّمة في المنتهى ٢ : ٦٥٢ ، والسبزواري في الكفاية : ٥٦.