نقله السيّد عن الأكثر (١) ، وعن الخلاف والغنية إجماع الإماميّة عليه (٢).
لما مرّ من روايات المجمع والخصال والمقنعة ، فإنّ قوله في الأخيرة : « ثم يرجع فيسأل الناس بكفّه » يدلّ على اشتراط الكفاية ، وكذا قوله : « ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله » يعني : وقت رجوعه ، وإلاّ فكيف يقوت نفسه بذلك البعض الباقي مع أنّه خرج إلى الحجّ؟!
والإيراد : بأنّ أقصى ما يستفاد منه اعتبار بقاء شيء بعد الحجّ والرجوع ، وهو غير دالّ على كونه بقدر الكفاية على الوجه المتنازع فيه ، فيحتمل أن يكون المراد به قوت السنة له ولعياله ، إذ ذلك كاف في عدم السؤال ، إذ به يحصل الغناء الشرعي ، كما في المدارك والذخيرة (٣).
مردود بأنّ بعد اعتبار ذلك يثبت المطلوب بالإجماع المركّب.
ويدلّ على المطلوب أيضا ما مرّ من الإجمال في العمومات والمطلقات ، الموجب للرجوع إلى الأصل في غير ما ثبت معه الوجوب ، وضعف سند ما ذكر مجبور بما مرّ من حكايات الشهرة والإجماع.
وقد يستدلّ أيضا للمطلوب بظاهر الآية ، حيث إنّ الاستطاعة لغة وعرفا ليست هي مجرّد القدرة والطاقة ، بل ما تكون فيه السهولة وارتفاع المشقّة ، كما ذكره السيّد في المسائل الناصريّة مستدلاّ بالاستعمال في مواضع كثيرة (٤).
وهو غير جيّد ، لأنّه إنّما يتمّ على أصله من كون الأصل في الاستعمال الحقيقة ، مضافا إلى أنّه يفيد لو كانت الاستطاعة في الآية مطلقة ، ولكنّها
__________________
(١) المختلف ٢ : ٢٥٦ ، المسالك ١ : ٩٢.
(٢) الخلاف ٢ : ٢٤٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٣.
(٣) المدارك ٧ : ٧٩ ، الذخيرة : ٥٥٩.
(٤) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠٨.