الثانية : أن مفاد الحديث إذا حمل على الشبهة الحكمية كانت كلمة ( بعينه ) تأكيدا صرفا ، لان العلم بالحرام فيها مساوق للعلم بالحرام بعينه عادة. وأما إذا حمل على الشبهة الموضوعية كان للكلمة المذكورة فائدة ملحوظة لاجل حصر الغاية للحلية بالعلم التفصيلى دون العلم الاجمالى الذى يغلب تواجده فى الشبهات الموضوعية ، إذ من الذى لا يعلم عادة بوجود جبن حرام ، وبوجود لحم حرام ، وبوجود شراب نجس؟ وإنما الشك فى أن هذا الجبن أو اللحم أو الشراب المعين هل هو من الحرام النجس أولا؟ وعليه فيكون الحمل على الشبهة الموضوعية متعينا عرفا ، لان التأكيد الصرف خلاف الظاهر.
هذه هى أهم النصوص التى استدل بها على البراءة من الكتاب والسنة. وقد لا حظنا أن بعضها تام الدلالة.
وقد يضاف إلى ذلك التمسك بعموم دليل الاستصحاب ، وذلك بأحد لحاظين :
الاول : أن نلتفت إلى بداية الشريعة فنقول : إن هذا التكليف المشكوك لم يكن قد جعل فى تلك الفترة يقينا ، لان تشريع الاحكام كان تدريجيا فيستصحب عدم جعل ذلك التكليف.
الثانى : أن يلتفت المكلف إلى حالة ما قبل تكليفه ، كحالة صغره مثلا ، فيقول : إن هذا التكليف لم يكن ثابتا على فى تلك الفترة يقينا ، ويشك فى ثبوته بعد البلوغ فيستصحب عدمه.
وقد اعترض المحقق النائينى قدسسره على إجراء الاستصحاب بأحد هذين اللحاظين ، بأن استصحاب عدم حدوث ما يشك فى حدوثه ، إنما يجرى إذا كان الاثر المطلوب إثباته بالاستصحاب منوطا